إلا صورة مريم يا خالد!

أيقونة العذراء القديسة مريم
أيقونة العذراء القديسة مريم


يوم احتلال مكة وتهديم أصنامها أمر النبي خالدا بن الوليد بازالة معالم الأصنام والوثنية من الكعبة. فنفّذ خالد باجتهاد وحميّة. وكانت داخل الكعبة صورة بيزنطية موزاييك للعذراء مريم مزروعة في الحائط. فلما وصل خالد اليها استعان بمعول لاحتفار مربعات الموزاييك، فهبّ النبي للحال وغطّى بيديه الاثنتين الأيقونة البيزنطية. فظل خالد حمساً ومندفعاً لتقليع المربعات التي تؤلّف ألوانها الأيقونة المكرّمة. فانتهره النبي: إلا هذه يا خالد! فأصرّ خالد. وكرر النبي بغضبة لا تُردّ. فارتجع الشاب الحمس عن مشروع ركش الحائط. وظلت إيقونة العذراء مريم هذه حتى بعد الخلافة الراشدية، وبعد بدء العهد الأموي في دمشق، وحتى الثورة ضد الحكم الأموي في أيام الزبير بن العوام. فدمّر الحجاج بن يوسف مكة والكعبة بالمنجنيق، ولحق الدمار الأيقونة الصامدة في مكانها بالكعبة. وبعد ابتناء الكعبة من جديد لم تجدد الأيقونة.

مقدمة وجبت لتضافَ الى ما في سورة مريم بالقرآن الكريم من اعتراف لموقع مريم العذراء في الاسلام كما في المسيحية. والعذراء مريم هي كما عشتار في ما قبل. ولعل من أجمل ما في القرآن صورة مريم المتميزة بألف شرح وقلما تفند.

المقدمة وجبت بعد بثٍّ تلفزيوني، التقطناه على “الدشّ” قبل مدة من الزمن وهو أوبرا موسيقية تتكلم على “العودة” الى الجليل وابتهاج “العائدين” الى “وطنهم” وفرحهم بانتصارهم على “المدعوة مريم” التي ولدت ابنها يسوع من سفاح مع ضابط روماني. ولكم يُظهر “العائدون” فرحهم لأنهم عادوا الى “امتلاك الجليل!”.

نحن نفهم فرح هؤلاء الغجر الصهاينة اليهود الى ما يدّعونه وطنهم القديم. ونفهم اعتزازهم وتشنيعهم على مريم العذراء وابنها يسوع المسيح، لأنهم يعملون على “استرجاع” وطنهم المدّعى القديم، والذي اغتصبوه قديما وحديثا بسبب تخلّف أمتنا ومؤامرة الانتداب الانكليزي علينا. ولكننا لا نفهم تطنيش أهل الانتداب = وما هم بيهود = عن هجاء يسوع المسيح وأمّه مريم، فيما هم، المستعمرون، يدعون أنهم مسيحيون. وتسألون ما الموضوع؟ والمناسبة؟

الموضوع جهل أكثر الحاكمين الخدعة الكبرى التي اسمها التوراة اليهودية. ولذلك نذكّركم بالكلمات التي تفوّه بها المسيح إذ كان يجادل اليهود المستقتلين لصلبه.

قال لهم ذلك العملاق:

“أنتم يا يهود ملعونون منذ البدء. أنتم أعداء البشرية والانسان منذ البدء، وكل آن، وحتى نهاية الدهر. وأنتم أبناء الكذب، ولم ولن يصدر عنكم إلا الكذب والبهتان. أنتم ملعونون طالما لم تعترفوا بي كلمة الله وروحَه”. وهذا الكلام موجود في الانجيل. فراجعوه!!

والعجب الثاني هو سؤال: “لماذا لا يتلو أي طقس في الكنائس جميعا هذه القولة الاخيرة الجامعة والمقدسة والمانعة التي تفوّه بها المسيح إرثا للأجيال قبيل دقائق من القبض عليه وسوقه الى السنهدرين الملعون والى بيلاطس الجبان؟ لماذا؟ لماذا لا يتعرف المسيحيون الى احدى حقائق المسيح؟

■ ■ ■

زار أبو تمّام بني وائل (تغلب وبكر) ومدحهم قال:

أنتم، بذي قار، أمالت سيوفكمُ

عرشَ الذين استرهنوا قوسَ حاجب

وللزيادة والوضوح، راجعوها في مظانّها.

وعندما سمع النبي في المدينة بنصر العرب هذا على الفرس قال: “لقد نُصروا بي”.

ولعل هذه الجملة عنوان جيوستراتيجي سياسي لمعاني الفتح العربي جميعاً، في اليرموك والقادسية.

نحن لا نسألكم، يا حكام، عن حمايتنا من القنبلة الذرية الاسرائيلية، بل إبدأوا بالتأويل السليم للتاريخ، ولمعنى العروبة الجيوسياسية المتمِّمة والمتوِّجة لمعاني النهضة القومية، ولمعاني الأقنوم المجمعي وللتطور في تفهم عروبة سوريانا.

وإلا فأنتم مقبلون، في جميع العروبة “الجاهلية الراهنة” مقبلون الى تسكير أبواب الدولة. والدليل همروجة الفوضى من المحيط الى المحيط في وقتنا هذا.

فإلّم تمتلكوا ثقافة حاضركم المهتز والمرتجّ فكيف ستبنون مستقبلا مؤهلا للصراع الناجح ضد اسرائيل؟ وكيف ستكذّبون صداقة حيرام وسليمان، وما عرفتْ صورُ يوما ملكا باسم حيرام. حيرام ملك في جبيل العظمى.

أنطون سعادة، يا مغتاليه، ولم تعدموا أحدا سواه في تاريخكم، كان نبهكم الى ضرورة توحيد بطركيات المشرق جميعا في واحدة، والى ضرورة اقامتها في القدس. وطالَبَ البابوية بنقل الفاتيكان جميعا الى القدس. وكان ذلك العام 1938

فأعدمه اليهود بأيديكم العام 1949. ولا يزال دمه طريا عليكم وعلى أنظمتكم البائدة والفولكلورية حتى تدركوا وتبنوا القومية الاجتماعية السورية فالعربية.

وإلا سيظل الفجور الصهيوني بحرا برا وجواً، وأنتم هامدون. فلا قبلتم بعروبة سورية جميعا، ولا قبلتم ولا فهمتم علاقة عقيدتنا ونهضتنا بالجبهة العربية الضامنة. ولذلك تراجعتم من حجم الكيان الى حجم البلدية والقائمقامية. والحبل على الجرار، حتى تصلوا الى شعب بغير سقف ولا أرض ولا هوية ولا بحر ولا برّ. جلّ ما سيملك بطاقة سفر الى أينما كان وأي مكان. فاللبناني هو التائه، لأن دولته مكلّفة بفضل نواميس انحلال الأمم = لا نشوء الأمم = بتدبير سفركم تغنّون على الربابة وترقصون في أعراس لا علاقة لكم بها.

تعليقات: