الجيش يوقف أشهر المتهمين بجرائم الخطف في البقاع

المذكرات العدلية المسطرة بحق الموقوف تفوق الـمئتين بجرائم مختلفة
المذكرات العدلية المسطرة بحق الموقوف تفوق الـمئتين بجرائم مختلفة


نجح الجيش في العملية التي خطط لها مسبقاً. أوقف محمد فياض اسماعيل، الشاب الذي ذاع صيته أخيراً، مع شيوع ظاهرة الخطف في البقاع مقابل فدية مالية. قبل توقيفه، اشتبك مع عناصر الجيش، فأصيب في قدمه، واليوم تنتظر القوى الأمنية جولات من التحقيق معه في العديد من الجرائم المنسوبة إليه

البقاع | «الطافر» محمد فياض إسماعيل موقوف. هذه المرة، لم يكن الخبر أن «محمد سلب»، أو «محمد خطف»، أو محمد «شارك في ثأر» صديقه. الخبر أمس كان توقيف الجيش اللبناني إيّاه. ابن بلدة بريتال الشاب (مواليد عام 1981) ذاع صيته خلال الأشهر الأخيرة في البقاع، مع الاشتباه في تنفيذه عدة عمليات خطف وسلب، أبرزها عمليات خطف مواطنين سوريين، وعضو مجلس إدارة معمل «ليبان ليه» أحمد زيدان.

يوم أمس، بعد عمليات رصد ومتابعة على مدى أيام تمكنت استخبارات الجيش من تحديد مكان وجود إسماعيل. لم يكن في جرود بلدته بريتال المترامية حتى بلدة طفيل الحدودية في السلسلة الشرقية، وهي المنطقة التي كانت بحسب القوى الأمنية تعدّ أشهر معاقله، والتي كان يختفي بين صخورها وثلوجها، بل رُصد في أقصى البقاع الشمالي، في بلدة القصر الحدودية في قضاء الهرمل. وبحسب مصدر أمني فإن وجوده في تلك المنطقة كان بسبب التضييق عليه من قبل الأجهزة الأمنية في بلدته بريتال والقرى المجاورة له. وتشير مصادر أمنية إلى أن دوريات من الجيش كانت بانتظار اسماعيل، بعدما وردت إلى قيادة المؤسسة العسكرية معلومات عن نيته الانتقال من منطقة الهرمل إلى بلدته بريتال. وبعدما توزعت دوريات الجيش على طول الطريق، تحرك اسماعيل عند الساعات الأولى لمساء أول من أمس. كان خارجاً من القصر، على متن سيارة كيا بيضاء اللون، من دون لوحات. ولما فوجئ بحاجز للجيش، غيّر مسار سيارته باتجاه أحد الأحراج القريبة، مع رفيق له. طُوِّقَت المنطقة، واستُدعيت قوة من فوج المغاوير بسبب وعورتها. وليلاً، تبين أنه ترك سيارته، وأكمل فراره سيراً على الأقدام. واستمرت المطاردة صباحاً، وتخللها تبادل لإطلاق النار أصيب اسماعيل خلاله بطلق في قدمه. وبعد ظهر امس، دُهم منزل كان اسماعيل فيه، حيث أُوقف مع رفيقه سعد العلي المعروف بـ«سعد الكردي». ونُقِل اسماعيل إلى أحد مستشفيات المنطقة، مع ضرب طوق أمني مشدد حوله.

إذاً، محمد فياض إسماعيل في قبضة الأمن. فيما تنتظر القوى الأمنية جولات طويلة من التحقيق معه، لكشف ملابسات عدد كبير من الجرائم التي يُشتبه في مشاركته فيها، بحسب مسؤول أمني متابع. وأشار المسؤول الامني إلى أن المذكرات العدلية المسطّرة بحق اسماعيل تفوق 200 مذكرة عدلية، وبجرائم مختلفة، مضيفاً إن إسماعيل «صحيح أن اسمه لمع أخيراً في عمليات الخطف، إلا أنه من الأشخاص المطلوبين في العديد من الجرائم على اختلافها من مخدرات وسرقة سيارات وأعمال سلب بقوة السلاح، إلى الاشتباه في مشاركته في عملية قتل العسكريين الأربعة على طريق عام رياق» بحسب ما يوضح المسؤول الأمني.

وتعدّ عمليات الخطف وطلب الفدية المالية مقابل تحرير المخطوفين، من الجرائم التي «ذاع» من خلالها صيت محمد فياض اسماعيل، حتى باتت أية عملية خطف تحصل في أية منطقة لبنانية، وإن كان بعضها وهمياً، كما تبين لدى القوى الأمنية أخيراً في بعلبك، كانت تتوجه فيها الأنظار تلقائياً إلى بلدة بريتال، وإلى المدعو إسماعيل تحديداً.

الأستونيون فتحوا الباب

والجدير ذكره أن عمليات الخطف وطلب الفدية بدأت في مثل هذا الشهر من العام المنصرم، وتحديداً في 2011/3/23، حين اختطف سبعة أستونيين كانوا يستقلون دراجات هوائية، وهم آتون من دمشق عبر طريق دير زنون. وبعدما أفرِج عنهم لقاء فدية مالية دفعتها سلطات بلادهم للخاطفين، بوساطة من الاستخبارات الفرنسية في العراق، أوقفت القوى الأمنية عدداً من المشاركين في الخطف، وأبرزهم وائل ع، إضافة إلى مقتل اثنين آخرين. وقبل أيام قليلة، أوقف الجيش محمد ح. في محلة مشاريع القاع الحدودية، واعترف في التحقيقات الأولية بأنه اشترك في توفير الطعام للخاطفين والمخطوفين، مقابل مبالغ مالية، وجواز سفر مزور للموقوف وائل ع. لكن المتهم بكونه الرأس اللبناني المدبر لعملية الخطف، حسين ح، لا يزال متوارياً عن الأنظار.

عمليات الاختطاف وطلب الفدية توالت لتبرز بعدها كما لو أنها «موضة الموسم»، بعد سرقة السيارات وإعادة التفاوض عليها مقابل مبالغ مالية، وتركزت غالبيتها على خطف رجال أعمال، معظمهم من الجنسية السورية. ففي أواخر شهر آب من العام المنصرم خُطف رجل الأعمال السوري محمد ايمن بشير عمّار، ومحاسبه السوري نور جميل الحاج قدورة، على الطريق الدولية في بلدة بر الياس، كما خطف رجل الأعمال السوري محمد غياث الجابي، بعدما خطف قبل أربعة أيام على طريق المصنع ـــــ دير زنون. الجابي ترك على طريق رياق ـــــ بعلبك في مقابل فدية مالية قدرت بمليون ليرة سورية، ومصاغ ذهبي، بعد مفاوضات بين الزوجة والخاطفين، ومن دون إبلاغ الأجهزة الأمنية. إلا أن عملية الخطف الأشهر، التي استحوذت على تغطية إعلامية كبيرة، كانت عملية اختطاف عضو مجلس إدارة معمل «ليبان ليه» أحمد زيدان.

قتل وخطف وأسلحة

احتاج الجيش إلى تدخل فوج المغاوير، أمس، في عملية توقيف محمد فياض اسماعيل. فالأخير، بحسب بيان صادر عن قيادة الجيش: «يرأس عصابة امتهنت خطف المواطنين وترويعهم». وبحسب البيان، فإن اسماعيل خطّط وشارك في العديد من العمليات، أبرزها سلب أحد النواب الأردنيين بقوة السلاح عام 2009، واقتحام منزل زين الأتات عام 2010، والمطالبة بفدية قيمتها 4 ملايين دولار، إضافة إلى عمليات مماثلة كثيرة حصلت أخيراً، منها خطف سوريين خلال الأشهر الماضية، والمطالبة بفدية مالية في كل عملية خطف، كما أنه مشتبه فيه بتورطه في عمليات تهريب المخدرات بين لبنان وتركيا، وكذلك تهريب الأسلحة إلى داخل سوريا، بحسب بيان المؤسسة العسكرية.

4 عسكريين ودركي

بعد توقيف محمد فياض إسماعيل و«سعد الكردي» أمس، انفرط نهائياً عقد المجموعة التي تلاحقها الأجهزة الأمنية منذ نيسان 2009، بتهمة قتل أربعة عسكريين من الجيش في كمين في رياق. تقول الرواية الأمنية إن إسماعيل شارك مع أصدقائه حسن ج. وحسين ج (موقوف في سوريا) وعلي ج. في عملية قيل يومها إنها أتت ثأراً لقتل الجيش الطافر علي عباس جعفر. وهذه المجموعة تشتّتت بعد عملية اختطاف جرت قبل أشهر، وانقسمت إلى مجموعتين. يُذكر أن محمد فياض اسماعيل ملاحَق من الأجهزة الأمنية منذ عام 1999، إذ يُشتبه في مشاركته في عملية سرقة سيارتين من منطقة البقاع الغربي، انتهت بمطاردة أدت إلى مقتل الدركي رفعت حمود في بلدة قب الياس.

تعليقات: