فرفور ذنبه مغفور

من اجتماعات وزراء الخارجية العرب
من اجتماعات وزراء الخارجية العرب


سماء غزة واهلها وشوارعها وبيوتها مستباحة. اسرائيل تقتل وتقصف وتدمر وطائراتها تزرع الخوف والرعب بين اطفال القطاع ولا احد يسأل او يحاسب. جريمة فظيعة ترتكب وفي المقابل صمت عربي كصمت القبور. لم نسمع تنديداً واحداً من حاكم عربي بالاقترافات الاسرائيلية، لم نسمع احدا يقول كفى غيا يا اسرائيل... وإلا!

الحمية والنخوة العربيتان منشغلتان في مكان آخر، اما فلسطين فدوماً منسية او مغيبة، وكأن ذبح الفلسطيني حلال.

العدوان الاسرائيلي يجري في وضح النهار واسرائيل لا تتنكر لافعالها بل تفاخر بنشاطها الجوي لردع "المخربين" و"الارهابيين" وبين هؤلاء اطفال لم يتجاوزوا عمر الورود، ولم تصدر اي دعوة عربية الى عقد "مؤتمر لاصدقاء الشعب الفلسطيني" تكون مهمته حماية ارواحهم وما تبقى من ممتلكاتهم في هذا القطاع الضيق والفقير المحروم الماء والكهرباء وابسط مقومات الحياة.

نفهم ان يتردد وزراء الخارجية العرب في التنديد بهذه المجازر الاسرائيلية، لو كانت فصائل المقاومة هي التي بدأت اعمال العنف، وقتلت اسرائيليين، لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما، فالطائرات الحربية الاسرائيلية هي التي بادرت الى الاغتيالات الجوية ومن ثم جاء الرد يائسا.

فقراء القطاع لاينتظرون رحمة او استغاثة من الولايات المتحدة او من مجلس الامن او من اللجنة الرباعية فهم اعتادوا "الفيتو" الاميركي ضدهم في المحافل الدولية والاحتقار الدولي لقضيتهم وانبطاح الدولة العظمى امام الدولة العبرية. فالاميركيون لا يدينون الجلاد وانما الضحية كعادتهم دوماً. لكن بسطاء غزة كانوا ولايزالون ينتظرون عطفا معنويا او سياسيا او ماديا من "اشقائهم" العرب، ذلك انهم يسمعون كل يوم المعزوفة التاريخية التي تردد ان فلسطين هي قضية العرب جميعاً. فكم شهيداً وشهيداً يجب ان يسقط كي تعود فلسطين الى الوجدان العربي؟ ألف؟ ألفان؟ مليون؟ كم!

اسرائيل بحربها الجديدة لاتختبر فقط اهل فلسطين وقدرتهم على الصمود والصبر، فهي اختبرتهم طوال ستين عاما وتعرف مقدار ارادتهم افضل معرفة، لكنها تختبر عرب الربيع الجدد ومدى ما يقرنون القول بالفعل، وخصوصاً مصر الجديدة، التي رعت المصالحة الداخلية الفلسطينية وعملت من اجل التهدئة في القطاع وتبنت خيار المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والحصار المتمادي. هي تختبر صدقية التغيرات وهل عادت قضية فلسطين الى المكانة الاولى التي يفترض ان تتبوأها.

شهداء غزة لا اهل لهم في جامعة الدول العربية او واشنطن او باريس، لان الجزار اسرائيلي فرفور ذنبه مغفور، فذبح هؤلاء في هذه الحال "حلال"، ولن يذهب وزراء الخارجية العرب الى مجلس الامن لاستصدار قرار بحمايتهم، حاضرا او مستقبلا، لان "الفيتو" الاميركي "الصديق" لهم في المرصاد.

تعليقات: