ما الذي يمنع \"التيار الوطني الحر\" من إعادة فتح مكتبه في النبطية؟

ما الذي يمنع التيار الوطني الحر من إعادة فتح مكتبه في النبطية؟
ما الذي يمنع التيار الوطني الحر من إعادة فتح مكتبه في النبطية؟


باسيلا: الأسباب تنظيمية... والعودة وشيكة !

عند المدخل الشمالي لمدينة النبطية، او ما يسميه اهالي المنطقة بـ"مفرق كفرمان"، وفي الطبقة الاولى من سنتر قانصو، كان يقع مكتب هيئة قضاء النبطية في "التيار الوطني الحرّ". قبل عامين ازيلت الاعلام البرتقالية من على شرفة المكتب، وأُزيلت اللافتة التي تعرّف به. غادره العونيون، في انتظار ايجاد مكتب في مكان أكثر استراتيجية... وما زالوا ينتظرون.

امام المكتب، قبل عامين، كانت هنادي، ابنة الاربع سنوات تمرّ دائما مع والدها. تنظر من نافذة السيارة، ترى المكتب البرتقالي. تصرخ: "بابا، الجنرال جوّا؟"، يبتسم والدها ويجيبها "نعم". اليوم اصبحت هنادي في السادسة ومازالت تعتقد ان الجنرال كان هنا. "لكنه رحل الى مكان آخر"، يخبرها والدها.

بدأ النشاط "العوني" في النبطية العام 2005، إذ بدا قادرا على استقطاب عدد مقبول من المناصرين معتمدا على "كاريزما" قائده حينا وعلى نفور البعض من ظاهرة الثنائية الحزبية في الطائفة الشيعية حينا آخر. جاء تفاهم الاخصام العام 2006 ليكسر حاجز الخوف ويشجع مسيحيي المنطقة على دخول عالم التحزّب من بابه العوني، وليفقد "تيار النبطية" بعضا من مناصريه المعادين لـ"حزب الله"، لكنه سرعان ما عاد للاستقطاب، الى حدّ دفع مسؤوليه الى التفكير بخطة عمل تجعل منه الحزب الثالث في القضاء خلال خمس سنوات. توالت النشاطات، وازدادت طلبات الانتساب التي قبل بعضها وأحيل بعضها الآخر على الدرس.

قبل انتخابات الـ2009 كاد التيار في النبطية أن يصبح حزبا ناضجا، وبدا ان القرار قد اتخذ: "يجب تفعيل العمل والانتقال الى المرحلة الاخرى".

ظن الجميع ان التيار ترك المكتب البعيد من النبطية واستأجر آخر في وسطها، علّق على أحد جدرانه الخارجية صورة عملاقة للعماد ميشال عون. ازداد حماس العونين وتفاؤلهم بالمستقبل. لكن الرياح لم تجر كما تشتهي السفن. بعد ايام معدودة أُزيلت الصورة. "العونيون لم يستأجروا مكتبا جديدا ولم يرجعوا الى القديم. توقف التاريخ عندهم في اللحظة التي اقفل فيها مكتبهم.

ضغوط الحلفاء!

يعدد مصدر مطلع في النبطية الاسباب التي دفعت التيار الى قفل مكتبه، ويقول: اولا هناك ضغوط مارسها الحلفاء على قيادة التيار لا من أجل قفل مكتب النبطية فقط، بل لوقف النشاط التنظيمي نهائيا في المناطق الشيعية. ويضيف: "لقد كانت الرسالة واضحة من الحلفاء حين سألوا: هل يقبل "التيار الوطني الحرّ" ان تقوم حركة "أمل" او "حزب الله" باستقطاب مسيحيي كسروان او المتن؟ تخطى "التيار" الخطوط الحمر، وبالغ في تقدير ما هو مسموح به. ومن غير المقبول ان يقوم بالاستقطاب من الشريحة ذاتها التي يمكننا استقطابها".

ينفي منسق الجنوب في "التيار الوطني" ماهر باسيلا هذا الادعاء، "على العكس من ذلك، الحلفاء يطلبون باستمرار ان نكون موجودين في كل الاقضية حيث ثقلهم الشعبي". ويؤكد ان السبب الوحيد الذي يقف وراء عدم فتح مكتب في قضاء النبطية هو "عدم ايجاد مكان يتناسب مع الميزانية المرصودة لاستئجار مكاتب الهيئات". ولإثبات ذلك قال باسيلا: "في حال رغب احد بتقديم مكتب بأجر يتناسب مع ميزانيتنا، نحن مستعدون لفتح مكتب في المدينة غدا". لكن باسيلا يؤكد ان المكتب، الذي ظنّ الجميع ان التيار استأجره في وسط مدينة النبطية، "لم يتم استئجاره في الواقع، وكل ما في الامر ان بعض الشباب المتحمسين علقوا صورة للعماد عون على جدار احد المكاتب التي نتفاوض مع مالكها". ويضيف: "تعليقها لم يأتِ بقرار حزبي ولهذا السبب ازيلت".

التيار.. من كفرشيما

إلى المدفون؟

اما ثاني الاسباب وفق المصدر المطلع، فهو تخلي التيار عن فكرة استقطابه أناساً من الطوائف المسلمة، اضافة الى تخليه عن مسيحيي الاطراف لانهم لا يشكلون خزانا انتخابيا للوائحه، ويضيف: "هل لاحظ أحد ان التيار استبعد من معظم القرى المختلطة طائفيا (مسيحيين وشيعة) في قضاء النبطية في الانتخابات البلدية الاخيرة، مثل جرجوع، قرية منسق القضاء، التي لم يمثل فيها المسيحيين بأي عضو بلدي؟". ويسأل: هل بدأ التيار تطبيق شعار المسيحيين من كفرشيما الى المدفون لكن بطرق سلمية؟

يشدد باسيلا على انه بالنسبة لـ"التيار الوطني الحر" لا تفرقة ما بين ابن النبطية وابن عكار وابن جبل لبنان، لكنه يستدرك: "نحن كأي حزب سياسي لدينا اولويات في العمل، وان عدم خوض الانتخابات في مناطق يضر بنا اكثر من عدم خوضها في بعض مناطق اخرى، كالمتن وكسروان... نحن لم ولن نكون حزبا طائفيا وسنسعى دائما الى الاستقطاب من مختلف الطوائف".

ويشير باسيلا الى ان اسلوب العمل، في الجنوب عموما والنبطية خصوصا، يقوم على التعامل مع كل قرية على حدة، "لذلك تقوم هيئات القرى بكثير من النشاطات، وهذا يؤكد اننا في تواصل مستمر مع المسيحيين في مختلف المناطق اللبنانية. اما عن الانتخابات البلدية السابقة فقد حصل فيها خلاف واحد مع الحلفاء في قرية جرجوع وهذا لن يتكرر". ويضيف: "العلاقة في تطور مستمر مع حلفائنا، وتاليا لا استبعد ان نكون من يرشح جميع النواب المسيحيين في مناطق نفوذهم".

اذا التيار في النبطية ما بعد الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة سيكون غير ما قبلها، هذا ما يفهم من هكذا كلام، "وعودته التنظيمية اليها قريبة جدا".

تعليقات: