عنـدما يلعـب بـري وعـون... كـرة القـدم

باسيل وخليل
باسيل وخليل


النفط والكهرباء سبب الخلاف أم واجهته؟

ما هو سر العلاقة الملتبسة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون؟ سؤال يتكرر في أكثر من مجلس سياسي من دون الوصول إلى الإجابة الشافية. حتى المقربون من الطرفين لا يساهمون إلا في زيادة الغموض، أمام سيل التحليلات التي تواجه الموضوع.

منذ يومين، أعلن وزير الطاقة جبران باسيل عن استلامه التمريرة («الباسّ») الثانية من رئيس المجلس. تفاصيل المباراة الباقية كلها بقيت مستورة. الأكيد حتى الآن أن الحكَم لم يعلن صافرة النهاية، وأن الملفات العالقة بين «اللاعبين» لم تحل بعد.

في التحليلات التي تسعى إلى تجميع الخيوط، يتلاقى الجميع على مفترق ملفي النفط والكهرباء اللذين يعتبران القشة التي غالباً ما تقسم ظهر البعير بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، والتي تنعكس شظاياها على معظم الملفات وآخرها ملف الأجور.

كان باسيل واضحاً في اتهامه رئيس المجلس بتحريك ملف المازوت الأحمر برغم أنه لم يسمه، إذ أشار إلى أن «بعض السياسيين ممن أثاروا القضية هم من أصحاب الشركات النفطية أو لديهم مصالح فيها، وبالتالي فإن رد فعلهم الغاضب جاء احتجاجاً على عدم نيلهم أو نيل المقربين منهم الحصص التي كانوا يتوقعونها». أما لماذا اعتبر باسيل ذلك بمثابة «باس»، فلأنه سمح له على حد قوله بأن يوضح ما تحقق من إنجاز عبر تحقيق وفر للخزينة قدره ثلاثة مليارات ليرة، لا سيما أن ما بيع في اليوم الأخير من الدعم «لم يكن استثنائياً».

أما منتقدو باسيل، فلم يحيدوا عن فكرة تسليمه كميات المازوت للشركات المقربة منه دون غيرها، إضافة إلى استمرار منشآت النفط بتوزيع المازوت حتى ساعات متأخرة من اليوم الأخير.

لم يفسر تحرك ديوان المحاسبة للتحقيق في الأمر واستدعاء الجهات المعنية، إلا تنقيراً من بري على وزير الطاقة ومن خلفه طبعاً «الجنرال» ميشال عون. ضمير باسيل مرتاح، على ما يردد، فهو سبق وحذر مجلس الوزراء من خطورة السير في مشروع الدعم الذي يشكل خدمة للتجار والمحتكرين على حساب الناس، سائلاً من يستطيع أن يضمن وصول هذه المادة إلى مستحقيها بهذه الطريقة؟

قبل ذلك كان مجلس الوزراء يبحث في مشروع قانون اقترحه باسيل لإعفاء المازوت الأحمر من الضريبة على القيمة المضافة بشكل دائم. وبما أن القانون يحتاج إلى وقت قبل إقراره، فقد تم اقتراح إعطاء سلفة خزينة لمنشآت النفط لبيع المازوت بأقل من سعره بـ3000 ليرة، لمدة شهر يكون بعدها القانون قد أقر.

يؤكد مصدر وزاري أن وزير الصحة علي حسن خليل قال إن بري يضمن إقرار القانون قبل انتهاء الشهر، بما يحول دون استفادة التجار من فارق السعر، بعد انتهاء الشهر.

لم يكن صعباً على التجار أن يعرفوا أن القانون لا يمكن أن يقر خلال المدة المقترحة، فخزنوا الكميات التي يريدونها وأفرجوا عنها بعد انتهاء فترة الدعم. أما القانون فلم يقر وبالكاد تمت مناقشته في اللجان المختصة.

تغمز مصادر مقربة من رئيس المجلس، من قناة وزير الطاقة، مثنية على حرصه على وقف الفساد والهدر، قبل أن تنفي قيام قيادة حركة «أمل» بشن أي حملة ضد باسيل، على خلفية المازوت، داعية في هذا المجال إلى متابعة قناة «المنار» التي «تعتبر رأس الحربة في هذا الملف». كما تذكّر بأن أول من تناول شبهة المازوت الأحمر كان رئيس لجنة الأشغال النائب محمد قباني.

في المقابل، يدعي مصدر متابع أنه استطاع أن يحل لغز «الباسّ» الأول، مشيراً، في هذا السياق، إلى رسالة «تك سـاعة» معمل الزهراني، التي كانت شديدة اللهجة ولم يسبق لها مثيل. يرى المصدر أن هذه الرسالة كانت السبب المباشر في إنهاء باسيل مسألة هيئة إدارة قطاع النفط، بعدما كان مصراً على أن يكون رئيسها من الطائفة المسـيحية. فكانت المداورة بين الطوائف السـت بحسب الأحرف الأبجدية بناء على اقتراح الرئيس بري. نائب إصلاحي يقول متهكماً: مسألة الجدارة والخبرة لم تعد أولوية في اختيار أعضاء الهيئة، مضيفاً: كل الطوائف منهمكة حالياً بالبحث عن رجل يبدأ اسمه بحرف الألف، ليكون أول رئيس للهيئة.

في «الباس» الثاني، ثمة من يعيد الأمر إلى ملف الكهرباء وهيئة إدارة القطاع، التي يرفض باسيل تشكيلها قبل تعديل قانون الكهرباء الرقم 462 «غير القابل للتطبيق»، بحسب باسيل. ويرى نائب في تكتل التغيير أن مسألة المازوت لا يمكن فصلها عن التظاهرات التي تتركز في مناطق معينة وتحمّل وزير الطاقة مسؤولية التقنين الكهربائي. أما أحد الباحثين في الدفاتر القديمة، فيعتبر أن الخلاف الحالي قد يكون استعادة لخلاف قديم، محوره المعالجة السريعة لمسألة التقنين، وكيفية إتمامها، سائلاً هل عدنا إلى نغمة «مولدات الخرافي»؟

كانت مجموعة الخرافي الكويتية قد وقّعت عقداً مع العراق لتزويده بمولدات كهربائية، إلا أن الحكومة العراقية ألغت العقد بعدما تبين أن المولدات مخالفة لدفتر الشروط (مجددة وتستهلك كميات كبيرة من المازوت). عندها عرضت هذه المولدات على الحكومة اللبنانية، إلا أن باسيل وسعد الحريري، عبر سمير ضومط (المسؤول التنظيمي في تيار «المستقبل»)، توليا ترتيب مسألة البواخر التركية.

وعلى الرغم من أن ملف المولدات أقفل في حينه ولم يذكر حتى عرضاً منذ سنة ونصف السنة، إلا أن المصدر يسأل: هل يعقل أن تكون هذه المولدات لا تزال معروضة على لبنان، وهل يعقل أن لا يكون قد تم التصرف بها حتى الآن؟

لا أجوبة شافية عن كل ما يُسأل حول سر الخلاف الذي لا ينتهي بين بري وعون - باسيل، مع تسليم الأغلبية بأنه يعود أولاً وأخيراً إلى الملفات التي تتعلق بوزارة النفط تحديداً.

مصدر في تكتل التغيير ينفي كل ما يشاع عن خلافات شخصية أو مصالح متضاربة. يعتبر أن تصوير المشكلة على أنها خلاف مع بري تحديداً فيها الكثير من الخطأ. ويرى أنه «لا تمكن تجزئة الملفات التي يحارب «التيار الحر» من أجلها وبالتي لا فارق بين «كهرباء»، «نفط»، «أجور»، «مياه» و«موازنة»»، بل يضعها في سياق الحرب الشاملة التي أعطيت إشارة الانطلاق الأميركية لها تحضيراً لانتخابات 2013 وعنوانها تحجيم «حزب الله»، من خلال تحجيم حليفه المركزي في لبنان وهو «التيار الوطني الحر».

تعليقات: