مناقشة هادئة لقضية ساخنة

الرئيس السوري بشار الأسد
الرئيس السوري بشار الأسد


سقطت المعارضة السورية في اختبار المسؤولية التاريخية الوطنية حين اعطت اشارات او لوحت بقبولها بتدخل اجنبي في سوريا . واثببت ان عينها على السلطة ولااصلاح ولامن يحزنون لانها تعرف جيدا ان الاصلاح هو قرار وطني يتخذ في ظل الحفاظ على السيادة الوطنية وعلى القرار المستقل وليس بمساعدة وباشارات خارجية لان الخارج دائما ومهما يكن قريبا او بعيدا تختلف نظرته عن نظرة ابناء البلد الذين بعرفون همومهم وهموم وطنهم حق المعرفة , كما ان الخارج لديه دائما حساباته الخاصة التي لا تلتفت الى قضايا المواطنين . وتجربة لبنان مع التدخل الاجنبي تجربة مريرة يجب على كل المواطنين من المحيط الى الخليج الاستفادة منها بحيث ان التدخلات الاجنبية اصابت وحدة هذا البلد باعطال كثيرة وهشمت الوحدة الوطنية وحولت اللبنانيين الى رعايا طوائف وملل يديرون وجوههم باتجاهات مختلفة . فحين كان لبنان في عز عطائه في السبيعنييات من القرن الماضي دخل اللبنانيون في حرب داخلية مدمرة تحت عناوين مختلفة تبدأ بالاصلاح وتنتهي عند وطنية القرار اللبناني لكن التدخل الاجنبي في لبنان اطال عمر الحرب وخرب البلد وخسر اللبنانيون قرارهم اللبناني لانهم استندوا واداروا اذنهم الى الخارج فباتوا اذا ارادوا ان بتحاوروا فيما بينهم عليهم الذهاب الى جنيف ولوزان او مدينة الطائف ’ واذا كان الحوار على ارض لبنان فانه يكون مشبعا بالتاثير الخارجي فتتحول جلسات الحوار الى جلسات تقطيع للوقت و حوار طرشان.فلبنان نتيجة التدخلات تحول الى ساحة تصفية جسابات ومنازلات قوى اقليمية ودولية ولم يعد لابنائه القدرة على اخراجه من هذا الدور . وايضا هناك احدث واقرب هي التجربة الليبية حيث تعيش ليبيا اليوم وضعا صعبا فوحدتها مهددة وشبح عدم الاستقرار الامني يهدد بحرب اهلية . فعلى المعارضة السورية خصوصا تلك التي تتحرك في الخارج ان يكون هدفها الاول اخراج التاثير الخارجي عليها لان من يشتري اليوم بيبع غدا . فباي منطق وطني تطلب حماية المدنيين اي الموافقة على التدخل الخارجي بما يعنيه ذلك من خرق للسيادة ولوحدة الأراضي السورية لاسيما وان الحماية تعني طلب التدخل العسكري الخارجي واقامة منطقة عازلة اي شريط حدودي على غرار الشريط الحدودي في لبنان سابقا والتي كانت اسرائيل قد اقامته في العام 1978 ونصبت عليه الضابط اللبناني المنشق سعد حداد الذي اعلن فيه "دولة لبنان الحر" ثم سلمت مسؤولياته بعد وفاة حداد الى ضابط اخر منشق هو اللواء انطوان لحد وسلحت ودعمت اكثر من الفي جندي لبناني منشق للسيطرة على هذا الشريط والذي كانت اسرائيل تعتبره مجالا حيويا لها سياسيا وعسكريا . ولكن المقاومة اللبنانية استطاعت تحرير هذا الشريط في العام 2000. والمنطقة العازلة في سوريا هي شريط حدودي جديد تطل براسها منه مؤامرة كبرى على وحدة سوريا وعلى شعب سوريا لابل يطل منها سعد حداد وانطوان لحد جديدين يحاولان ادخال العامل الاسرائيلي وان بهويات مختلفة في الازمة السورية الحالية وصولا الى ضرب دور ومكانة سورية من خلال تفتيتها واضعافها . لذلك يتبادر الى الذهن ان مشكلة المعارضة هي اما : على نياتها " ومبهورة بهذا الصخب الخارجي الذي يظهر تاييدا كبيرا للتغيير في سوريا ولاتعرف ابعاده ؟ واما تدرك جيدا ان ما من شيئ بالمجان وان الدول ليست جمعيات خيرية وفي الحالتين المصيبة عظيمة لان معارضة بهذه المواصفات ليس لها القدرة على قيادة بلد كسورية له موقعه الجيوسياسي في منطقة الشرق الاوسط . وهذا عدم الفهم لابعاد التدخل الخارجي او الترحيب به يشير الى ان المعارضة السورية تتخبط في ازمة عميقة بحيث ان الاتجاهات والرؤى داخلها متفاوتة ومتباينه فهي لاعرف اين نقطتي الانطلاق والوصول ’ وانها تقول للنظام السوري الحالي " قوم لاجلس مكانك" وبالتالي السلطة هي اغلى من البلد . فالمعارضة عاجزة حتى الان عن تشكيل جبهة سياسية موحدة وما زالت معارضات مشتتة ومنقسمة إلى فرق وتكتلات .فهناك المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون . وجماعة الاخوان المسلمين وعبدالحليم خدام، النائب السابق للرئيس السورى، المقيم فى باريس منذ 2005، والذى أسس بدوره جماعة معارضة جديدة تسمى اللجنة الوطنية لدعم الثورة السورية، بالإضافة إلى كتلة رفعت الأسد، عم الرئيس السورى، وهو موجود بالمنفى منذ 1984’ وهيئة التنسيق الوطنية، والتى تضم معارضة من داخل وخارج سوريا.. والمعاراضات الخارجية توجهاتها مختلفة عن معارضة الداخل التي تنادي بالاصلاح بشكل اساسي الذي يجب ان يسرع النظام وتيرته بشكل بقطع الطريق على الخارج ويوقف عجلة تدخله عند حدوده الحالية حتى لاتتطور الامور نحو الاخطر والاسوأ.

* حسين عبدالله كاتب لبناني

تعليقات: