غورو العربي

الجنرال غورو
الجنرال غورو


تعيد لغة الانذارات التي توجهها جامعة الدول العربية الى سوريا الى الذاكرة لغة الانذار الذي وجهه الجنرال غورو الى الملك فيصل الاول عام 1920 للتخلي عن الحكم ومغادرة سوريا. فلهجة الجامعة لا تحتمل الكثير من التأويل، والمهل التي تصدر عنها لا تتعدى الايام والساعات.

لم يكن معروفاً عن الجامعة مثل هذا الحزم في الكثير من المواضيع التي تعاملت معها. هناك سابقة طرد مصر عقب ذهاب السادات الى اسرائيل اواخر السبعينات. وهناك طلب تدخل مجلس الامن في ليبيا قبل سبعة اشهر. والان يعتبر الموضوع السوري الشغل الشاغل للجامعة. أوليس غريباً ان الجامعة لم تتناول لا الشأن اليمني ولا الشأن البحريني ولا الشأن المصري وخصوصاً بعد تجدد المواجهات في ميدان التحرير؟

ليس مستغرباً ان يطرح الموضوع السوري على الجامعة، لكن الغريب هذا الاستعجال نحو فتح الباب امام مجلس الامن، وإقفال باب التسوية عربياً. واذا كان تبرير الجامعة هو استمرار القتل في سوريا، فإن قتلاً حصل ولا يزال في اليمن، كما حصل قتل في البحرين، كما ان القتل تجدد في مصر بعد نزول المحتجين الى ميدان التحرير.

ثم أوليس مستغرباً ألا تطرح الجامعة العربية نفسها وسيطاً في الازمة السورية، وتعمل على التهدئة عوض التصعيد ونقل الملف السوري الى مجلس الامن مع ما سيجر ذلك من تدخل عسكري اجنبي يمكن ان يبدأ، ولكن ما من أحد يعرف كيف ينتهي؟

ولا يمكن فصل اجراءات الجامعة، عن الحديث الفرنسي عن ضرورة فتح ممرات انسانية في سوريا، الى التلويح التركي بإقامة منطقة عازلة داخل سوريا، الى الضغط الاميركي المتصاعد للاسراع في التغيير.

كل ذلك يؤشر لخط بياني متصاعد في الضغط لاسقاط النظام في سوريا أكثر منه لتحقيق إصلاحات. وإلا لماذا هذا التعامل الهادىء مع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ولماذا الاشادة بالاصلاحات في الاردن والمغرب مع ان تطبيقها يحتاج الى سنوات، بينما الامر لا يحتمل اياماً وساعات في سوريا؟

لعل في ما قاله مستشار الامن القومي الاميركي طوم دونالن رداً على الكثير من التساؤلات في ما يتعلق بالوضع السوري. فهو قال ان اسقاط النظام السوري سيوجه أكبر ضربة الى ايران. فكيف اذا ما عطف هذا الكلام على كلام وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الذي قال ان سقوط الاسد ليس لمصلحة اسرائيل فحسب وإنما هو "لمصلحة المنطقة بكاملها".

يستشف من ذلك ان ما يجري في سوريا حرب ترسم حدود المنطقة استراتيجياً. وفي توصيف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان ما يحدث في سوريا يرقى الى مستوى "استفزاز دولي"، كثير من الحقيقة.

* سميح صعب

samih.saab@annahar.com.lb

تعليقات: