دويلة الحشيشة في لبنان!..

دويلة الحشيشة في لبنان!..
دويلة الحشيشة في لبنان!..


أستعير من القاموس اللبنانيّ مفردةً متداولةً ومصطلحاً شائعاً ألا وهو دويلة، وذلك لمطابقته في توصيف واقع رديءٍ على مساحة أصيلة من الأراضي اللبنانية البعيدة عن سلطة الدولة وهيبة القانون، حيث تقام على هذه المساحة من الوطن دويلة يرأسها زمرة من المجرمين المستهترين بالقيم، المستخفّين بسلامة الجيل وصحته النفسية والبنيوية، المتمرّدين على النظم، المستقوين بسطوة الترهيب والإجرام.

والعجب العُجاب أنّ هذه الدويلة المشؤومة تربى وتتنامى غير بعيدٍ عن أنظار الدولة وأجهزتها التي لطالما اكتفت بدوراستعراضي لا يتجاوز رفع العتب ولا يغيّر في الحال شيئاً يُذكر ..

والأغرب من ذلك أنّ هذه الدويلة الناتئة بما تحويه من حقول شاسعة مزروعة بالحشيشة، ومن أوكار تحمي اللصوص والقتلة والمبتزّين هي بمنأى عن خطابات دعاة الإصلاح وإشارتهم وتنديدهم، وخارج اهتمامات السياسيين الذين لهم حساباتهم الخاصة في التعاطي مع هذه البؤر وأربابها وحاضنيها وأبرز هذه الحسابات انتخابية، وما خفي كان أعظم!..

ولعلّ ما يدمي أيضاً أن تخلو خطابات الوعاظ ورجال الدين والتربية من التعرّض والتعريض بدويلة الحشيشة في لبنان استنكاراً وشجباً، في الوقت الذي تطفح فيه مواعظهم بالوعد والوعيد والعذاب الشديد لمن يتعاطى المخدرات أو يقع في شركها.

وإلى من تقدّم من ساسة وغيرهم، ممن يتحمّلون وزر قيام دويلة تسيء إلى صورة لبنان وشعبه بين الأمم، لا بدّ من الإشارة إلى دور القضاء ومسؤوليته في هذا الاتجاه، إذ لا يجوز أن يتساهل القضاء مع تجار المخدرات واللصوص بمحاكمات درامية تحوّلهم إلى ضحايا من جهة، وتصنع منهم جرّاء منطق التسامح أرقاماً صعبةً في عالم الجريمة ..

تبقى الالتفاتة إلى خطّة الحكومة العتيدة التي رفعت شعار«كلنا للعمل» والتي تقف اليوم أمام اختبار الجدّية والمصداقية في التعاطي مع هذا الملف على وجه الخصوص، فهل يا تُرى ستتفق مكوّنات هذه الحكومة على إطلاق يد الأجهزة الأمنية من أجل تقويض بنيان هذه الدويلة وكسر شوكتها؟ أم أنّ الإصلاح والتغيير ـ كما تعوّدناه ـ سيقف عند حسابات دقيقة تمنع من تمدّده وشموله لينكفئ مبقياً وصمة عار على جبين المسؤولين المتخاذلين!..

إنّ من واجبات الحكومة اعتماد الإنماء المتوازن والرعاية المتساوية للمناطق الفقيرة والمُهملة حتى لا يبقى الفقر والحاجة ذريعةً بيد المجرمين لتبرير انحرافهم، وحتى لا نسمع نشازاً يسوّق لزراعة الحشيشة مبرراً دعوته بعدم وجود موارد عيش أخرى أو زراعات بديلة ..

من المخجل حقاً أن يكون لبنان بلداً منتجاً للمخدرات يلبي حاجة المدمنين من الشباب والشابات في المدارس والجامعات، ومن المخزي بجدٍ أن يصدّر سموماً تقتل إرادة الانسان وطموحه!..

عنوان مدونة الشيخ محمد أسعد قانصو

تعليقات: