عام على «نحر» المصانع «الثقيلة» في البقاع: لا تعويضـات ومؤسستـان تعـودان للإنتـاج

في معمل لامارتين: استؤنف العمل (سامر الحسيني)
في معمل لامارتين: استؤنف العمل (سامر الحسيني)


تفنن الطيران الحربي الإسرائيلي خلال عدوانه على لبنان في اصطياده «الدقيق» لأهدافه. طوال 33 يوماً، لم ترحم «القنابل الذكية» فريستها. وإذا كانت الخسائر البشرية والوحدات السكنية هي عنوان حرب تموز في الجنوب وضاحية بيروت، فلقد تمثلت «الجريمة الكبرى» في البقاع بحق الصناعة. معامل خارج نطاق العمليات الحربية تم انتقاؤها مسبقاً لتكون أهداف غارات الطيارين «المحترفين». وكانت حصيلة هذه «اللعبة الهمجية» عند السابعة من صباح 14 آب ,2006 تدمير 117 مصنعاً بشكل كلي، و83 مصنعاً بشكل جزئي، وهي مصانع توظف 5261 عاملاً في مختلف المناطق اللبنانية (فقد ثلثاهم وظيفته جراء العدوان). وقدّر تقرير هيئة الطوارئ لشؤون المصانع المتضررة التي أنشأها الوزير الشهيد بيار الجميل خلال الحرب قيمة الخسائر المباشرة بـ176 مليون دولار.

نالت منطقتا الجنوب والضاحية الحصة الأكبر من الإصابات عددياً، مع 88 مصنعاً متضرراً للأولى (55 كلياً و33 جزئياً) و82 للثانية (48 كلياً و34 جزئياً). لكن البقاع تصدّر لائحة قيمة الأضرار بفارق شاسع، إذ بلغت قيمتها 89.383 مليون دولار، أي أكثر من نصف إجمالي حجم الأضرار الصناعية المباشرة، في حين وصلت قيمة الخسائر في الجنوب إلى 38.678 وبلغت في الضاحية قيمة 36.915 مليون دولار.

تظهر النية المسبقة لإسرائيل باستهداف القطاع الصناعي من خلال عدد المعامل البقاعية المتضررة التي لا تتعدى الـ15 (ثمانية كلياً وسبعة جزئياً)، إذ تم التركيز على المصانع الثقيلة الحجم اقتصادياً، مع العلم أنها تقع خارج خط النار بمعظمها (تعنايل، وراشيا الوادي، وسلطان يعقوب). وفي الاتجاه ذاته يصب استهداف 13 معملاً في الشوفيات ومصنعين في الشوف.

تتعدد أسباب اختيار الصناعة لاستهدافها من بين القطاعات الأخرى: من زيادة الخناق المعيشي على المجتمع اللبناني في ظل الحصار المفروض عليه، إلى ضرب الاقتصاد الانتاجي الحيوي. ولكن جرى الحديث أيضاً عن استهداف صناعات تنافس نظيراتها الإسرائيلية في مناقصات وأسواق عالمية.

عام مرّ على العدوان الإسرائيلي. المصانع لم تحصل حتى اليوم على أي تعويض من الدولة. اثنان فقط من المصانع شرعا بإعادة البناء («دلال» و«ألبان لبنان») من أصل 117 مصنعاً دمرت كلياً. وللمفارقة، تكون هاتان المؤسستان من أبرز المنافسين لإسرائيل في بعض الأسواق. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تؤمن «دلال» احتياجات قوات «اليونيفيل» اليوم من البيوت الجاهزة، كما استبدل أحد المعامل الإسرائيلية بـ«ألبان لبنان» (أو «ليبان ليه») لتزويد هذه القوات بمشتقات الحليب.

بالعودة إلى التعويضات، وضعت الحكومة عبر «مصرف لبنان» آلية تعويض على المصانع المتضررة عبر المصارف بنسبة 60 في المئة من قيمة البناء والمعدات، تضاف إليها قروض ميسرة بنسبة 20 في المئة من قيمة الأضرار، على أن يؤمن صاحب العلاقة نسبة العشرين في المئة المتبقية. يحتاج تعميم «مصرف لبنان» في هذا الخصوص إلى إجراءات تطبيقية لم تصدر بعد، ومن المتوقع أن يبدأ أصحاب المصانع الاستفادة منها مع حلول تشرين الثاني .2007

لكن، ظهرت إشكالية أخرى تمثلت بأن التعميم ينص على استفادة المصانع المدينة للمصارف فقط من أحكامه، علماً أنه تبين لجمعية الصناعيين أن حوالى 50 في المئة من المعامل غير مدينة للمصارف. وهو رقم لم تكن تتوقعه الجمعية. وعلى الرغم من نقل رئيسها فادي عبود عن حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة قوله ان التعميم يطال جميع المتضررين، أكانوا مدينين للمصارف أم لا، فإن عدداً كبيراً من المتضررين لم يسمعوا بهذا النبأ بعد. وتلقى بعضهم الخبر من «السفير» باستغراب وعدم اقتناع تام!

غزا فقدان الأمل مشاعر صناعيي لبنان والبقاع خصوصاً. النفسيات في الحضيض والدولة أصبحت هدفاً دائماً لتفجير جام غضبهم. تزيدهم تصريحات بعض الوزراء نقمة، مثل «لا مستقبل للصناعة في لبنان، ولا ينبغي دعمها» أو «التجارة أهم من الصناعة بالنسبة إلى الحكومة». لكن، لم تفقد هذه النظرة الدونية الرسمية للصناعة وتغييبها عن الخطط الاقتصادية لعقود، الصناعيين التزامهم بالقطاع. وجلّ ما ينتظره المتضررون هو دفعة بسيطة من الدولة تساعدهم على تخطي المصائب التي ابتلوا بها في العام الماضي.

«دلال«: سرعة العودة إلى الإنتاج

«لم نُعِد بناء مصنعنا المدمر كلياً نتيجة إيماننا بلبنان، وإنما لأن الطلب على منتجاتنا زاد»: عبارة تختصر لوعة رنا دلال التي سبّبها غياب الدولة عن القطاع الصناعي المتضرر بعد حرب تموز. تصل الأمور مع مديرة معمل «دلال» للبيوت الجاهزة، إلى تصريح مفاده أنها أبعد الناس عن المواطنية: «أنا مجرد إنسانة تريد الاستفادة من فرصة تجارية». تتضح طبيعة غضبها أكثر مع إجابتها عن سؤال حول تعميم «مصرف لبنان» بالتعويض عن المصانع المتضررة، حين تقول إنه: «لا وجود لتعويضات أو أي شيء من هذا القبيل». ثم تمتنع رنا عن متابعة الحديث.

لم ينتظر صاحب مصنع «دلال» (في تعنايل) توفيق دلال تعويضات الحكومة للشروع بإعادة البناء، على الرغم من خسائر إجمالية تقدر بحوالى 20 مليون دولار، بحسب خبير التأمين أمين معوض الذي كشف على المعمل لمصلحة هيئة الطوارئ الصناعية.

من يرَ المصنع اليوم يكد لا يصدق الصور الأولى الراصدة لحجم الدمار فيه. بقيت 10 في المئة فقط من الآلات الفنية قابلة للتشغيل بعد تصليحها، بحسب أحد العاملين في المصنع، في حين تم القضاء على مختلف أجزاء المصنع الأخرى. ساعد اختصاص مصنع «دلال» (إنتاج الهنغارات والأعمدة الحديدية) في السرعة بإعادة البناء. وبعد إزالة الركام وردم الحفر التي خلفتها القنابل، قام العاملون بتركيب آلات ومعدات جديدة لإطلاق الدورة الإنتاجية. ثم ركبوا هنغارات جديدة: «كي تقينا من الشمس أو المطر» على حد تعبير العامل في المصنع. فاستعاد المصنع شكله الطبيعي.

القسم الوحيد المتبقي خارج الخدمة هو قسم «تنظيف ولف الصهاريج»، إذ تم فيه تجميع الآلات المتضررة للاستفادة من بعض القطع الصالحة للاستخدام أو القابلة التصليح، في وقت لاحق. ويتوقع العامل إصلاح هذا القسم مع نهاية العام الجاري.

يشير مدير المصانع في «دلال» جورج حنا إلى أن حركة الإنتاج عادت بنسبة 60 في المئة مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب، رابطاً سرعة عودتهم إلى العمل بطلبية تلقاها المصنع من الجيش الإماراتي وكانت عبارة عن تصنيع ألف بيت جاهز. ولقد زوّدت المؤسسة أيضاً قوات «اليونيفيل» عند وصولها إلى الجنوب بالبضاعة اللازمة لتجهيز مخيماتها. استعاد معظم العمال اللبنانيين المثبّتين وظائفهم، وعددهم 66 عاملاً. لكن حنا يقول إن المصنع يستوعب أكثر من 300 عامل (الآخرون من جنسيات عربية، لا سيما سوريا). ويعمل اليوم أكثر من 200 شخص في المصنع. تصل صادرات «دلال» إلى أفغانستان ودول افريقية عديدة، ولقد كانت تصل العراق قبل العام .2003 وهي تنافس صناعات شبيهة في اسرائيل، ما قد يكون وراء ضربها. وعن تفكير مسؤولي المصنع بنقل أعمـــالهم إلى خارج لبنان، يجيب حنا بأنهم يفكرون بفتح مــعمل في الخليج، لكن ترك البلد غير وارد: «علينا فقط أن نفتح أفق الانتــاج في حال تكرر معنا ما حصل الصيف الماضي».حاولت جمعية الصناعيين مساعدة المتضررين بعد الحرب، عبر الطلب من أصحاب المصانع غير المتضررة تقديم منتجات بسعر الكلفة لزملائهم الذين ينتجون السلع ذاتها: «ولقد تم ذلك في حالات معينة»، يقول رئيس الجمعية فادي عبود، مشيراً إلى أن الجمعية أرادت إنشاء صندوق خاص للصناعة، إلا أن الحكومة لم تلتزم المساهمة فيه: «ومن الصعب أن يموّل القطاع الخاص وحده صندوقاً كهذا». ويرى عبود أن تعميم مصرف لبنان رقم 9595 وضع مسألة تعويضات الصناعيين على السكة الصحيحة. ويصف الآلية التي وضعها المصرف المركزي بالجيدة جداً وهي تحفظ للصناعي جزءاً من حقوقه بعد الحرب: «خاصة بعدما تأكدنا من أن التعميم يطال جميع الصناعيين، لا المدينين للمصارف فقط».

بانتظار صدور الإجراءات التطبيقية للتعميم وقيام المصارف بإعادة تخمين الأضرار، يتوقع عبود أن يبدأ الصناعيون بالاستفادة من التعميم عملياً خلال أربعة أشهر. أما العدد المتوقع لمقدمي الطلبات فسيتخطى 50 في المئة من المتضررين الفعليين، نتيجة أن البعض لن يتحمل تكاليف إعادة البناء، والبعض الآخر قد يصرف النظر كلياً عن العودة إلى هذه المصلحة.

يرى عبود أن الاعتداءات الإسرائيلية وعدم الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان لفترات طويلة يؤكدان نظرية الجمعية التي تفيد بأن على الدولة الاهتمام بالقطاعات الأقل تأثراً بهذه العوامل. ويشرح: «الصناعة تتضرر من عدم الاستقرار بسبب تراجع الاستهلاك (تراجع حتى اليوم حوالى 30 في المئة).. إلا أن مستوى تأثرّها يبقى أقل من تأثر قطاعي السياحة والخدمات، وذلك نتيجة إمكانيات التصدير المتاحة للقطاع». طبيعة لبنان هذه توجب الدولة، بحسب عبود، ببناء اقتصاد يعتمد بشكل خاص على القطاعات المستقرة، كالصناعة. ويشدد على أن اسرائيل تفتخر بـ«بترولها الخاص» وهو الأدمغة البشرية، فتتعمد تهـــجير الكـــفاءات من دولة تجاورها حدودياً، وتنافســـها على هذا الصعيد.

وعن تعاطي الحكومة مع ملف التعويضات، يبدي عبود تفهمه لطغيان الملف السياسي والأمني على الشأن الاقتصادي في البلد، ما أدى إلى تأخير قضية التعويضات وبطء تنفيذ خطة الوزير الشهيد بيار الجميل: «صناعة لبنان 2010». ويلخص المسألة بالقول: «هناك آذان صاغية في الحكومة، لكن التنفيذ لا يسير بالسرعة المطلوبة».

السوق تخسر الزبائن

أخطر ما يهدد المصانع المدمرة كلياً هو غيابها عن الأسواق وخسارة زبائنها. في باحة مصنع «ماليبان» للزجاجيات (تعنايل)، هناك بضاعة لم يتم تصريفها منذ سنة. نجت هذه البضاعة من العدوان إذ كانت محفوظة في أحد مستودعات الشركة القريبة من المعمل. وهي تمثل ربع بضاعته المنتجة قبل العدوان. إلا أن توجه زبائن «ماليبان» إلى شركات أخرى أدّى إلى كسادها.

ينظر مدير المصانع في المؤسسة روي شاودري بحسرة إلى بعض الآلات الناجية من العدوان. لا تشكل الأخيرة أكثر من 2 في المئة من قيمة الخسائر في المعدات، وهي خسائر مقدرة بحوالى 29 مليون دولار. من أمام المصنع المدمر، يقول شاودري: «نحتاج إلى سنة كاملة لإعادة بنائه». لم تخفف عملية إزالة الركام من وطأة الدمار الذي طال فرني الزجاج وست آلات فنية هي الأساسية. تتراوح كلفة الفرن الواحد بين ثمانية وعشرة ملايين دولار، حسب شاودري، فيما ذهبت خطط المؤسسة بتركيب آلة فنية سابعة مع الريح.

يشير رئيس تجمع الصناعيين في البقاع والمدير العام لـ«ماليبان» محيي الدين النخلاوي إلى أن «تعميم البنك المركزي بخصوص التعويضات يعطينا فرصة لإعادة البناء»، وهو يرى أن «رئيس الحكومة مؤمن بأهمية التعويض عن القطاع، لكنه يركز على ضرورة تقديم مستندات شفافة حول أضرار المصانع».

على صعيد الموظفين، يلفت نخلاوي إلى أن مجلس الإدارة قام بالتعويض على عمال المصنع بحسب المادة 50 من قانون العمل (فصل تعسفي)، علماً أنه لم يكن مجبراً على ذلك: «لكنه فضّل الإبقاء على علاقته الجيدة بهم». فقد 183 عاملاً وظائفهم في المؤسسة، ويقول نخلاوي ان بينهم حوالى 20 شخصاً لم يجدوا حتى الآن وظيفة أخرى.

تجاذبات صناعية مسيّسة

إحدى القضايا الجانبية التي شغلت القطاع الصناعي خلال العام الفائت هي المعاملة الرسمية التي تلقها «ألبان لبنان». ففي العاشر من تشرين الأول ,2006 قررت «الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي»، ضمن فعاليات «المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي»، الإسراع في خطتها لاستثمار خمسة ملايين دولار في رأسمال «ألبان لبنان». تبع هذه الخطوة جدل واسع النطاق في الأسرة الصناعية. وعلى الرغم من ترحيبه بالخطوة، تمنى عبود لو تعمم على جميع الصناعيين المتضررين. الأمر الذي استوجب رداً من مدير المصنع ميشال واكد يذكر فيه بأن الهيئة كانت تدرس مع إدارة المصنع إمكانية المساهمة في رأسمال الشركة قبل سنتين من العدوان: «واليوم، تم تعليق المباحثات إلى حين إعمار المصنع». ثم سرت أحاديث عن نيل «ألبان لبنان» مساعدات من الحكومة، على اعتبار أن أحد كبار المساهمين في المؤسسة هو نائب الأكثرية نبيل دو فريج. وساهم قرار الحكومة بإعفاء مستوردات مصنّعة جاهزة من رسوم جمركية كانت مفروضة على الحليب السائل بنسبة 75 في المئة، في زيادة الشكوك حول المعاملة الرسمية الاستثنائية التي تنالها الشركة. مرة أخرى، رحب عبود بطريقة الحكومة «الذكية جدا» في التعويض على المصنع، داعياً إلى تعميمها على جميع المتضررين.

من جهته، شدد ميشال واكد على أن المعمل لم ينل قرشاً واحداً من الدولة، وهو قام بترميم جزء لم يدمر بالكامل خلال العدوان من أجل إحياء 25 في المئة من دورته الإنتاجية. ويعلق ساخراً: «ما حصلنا عليه هو قيام الهيئة العليا للإغاثة بإزالة الركام، بفضل ضغوط مارسها نائب «حزب الله» حسين الحاج حسن!».

حسمت هذه الخلافات إثر بيان أصدرته جمعية الصناعيين، تؤكد فيه أن المصنع لم ينل تعويضات، وأن الهيئة العربية بعثت برسالة توضح فكرة الاستثمار كما تفيد بعدم اختمارها حتى الساعة. لكن «ألبان لبنان» واجه أزمة أخرى تمثلت برفع ستة من عماله السابقين دعوى ضد الإدارة، بحجة صرفهم تعسفياً. واستند هؤلاء في دعواهم الى أن الإدارة حصلت على تعويضات لم تصل العمال. يعلق واكد على هذه المسألة بالقول: «المصنع يحتاج إلى من يساعده. فكيف لنا أن نعوض عليهم ونحن نطالب بتعويضات؟». في الواقع، هناك مئة موظف لم يعودوا إلى المصنع بعد تدميره، بينهم ستة فقط رفعوا الدعوى على الشركة. ولقد وعدت الإدارة موظفيها بإعادتهم إلى مراكز عملهم فور الانتهاء من بناء المصنع.

لغط حول تعميم «المركزي»

لا ينكر الصناعيون المتضررون أهمية صدور تعميم «مصرف لبنان»، لكن ثقتهم بنيل التعويضات مفقودة. كما أن الإشكالية حول مضمونه أخمدت حماستهم: «التعميم جاء لمصلحة المصارف»، يقول صاحب معمل «لامارتين» للسكاكر المدمر كلياً حسين عامر، في إشارة إلى أن غير المدينين للمصارف لا يستفيدون من أحكام التعميم. ولم تعنِ له توضيحات عبود حول المسألة، إذ يعلق: «قدمت جميع المستندات لنيل التعويضات.. وكان ينبغي أن نحصل عليها بعد أربعة أشهر على العدوان كحد أقصى».

ومن على سريره في المستشفى، يجيب صاحب معمل «سنترال بلاست» لأكياس النايلون (بعلبك) حسين اللقيس على اتصال «السفير»، ليعبر عن فقدان أمله بالحصول على التعويضات: «لا سيما أنني غير معني بتعميم مصرف لبنان لأني لست مديناً لأي بنك». لم يسمع اللقيس قبل هذه اللحظة بتوضيح عبود حول المسألة. ويبدي سعادته بـ«هيدي الخبرية»، مؤكداً أن لا مانع لديه من إعادة بناء مصنعه في حال توافرت التعويضات، على الرغم من يأسه من وصولها.

فرعون: علينا إنصاف الصناعة

يرفض الوزير المكلف بالملف الصناعي ميشال فرعون اعتبار أنه تم تأخير التعاطي مع قضية التعويضات على القطاع الصناعي، ويشرح أن الصعوبة كانت في تحديد الآليات اللازمة. إذ لم تخصص في مؤتمر استوكهولم (في الخريف الماضي) أي مبالغ للتعويض على المصانع المتضررة، وحتى المبالغ التي منحت للمدن والقرى المدمرة في الجنوب كانت غير كافية. ثم، في مؤتمر «باريس 3» في مطلع العام، خصصت بعض الدول المانحة أموالا لدعم القطاعات المنتجة في لبنان، مما سمح البدء بوضع آلية للتعويض على الصناعيين.

لم يترك الوزير الشهيد بيار الجميل فرصة بحسب فرعون إلا واستغلها لفتح موضوع الصناعة مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي كان يردد بأن الأولوية تبقى للتعويض على أهالي الجنوب. يلفت فرعون إلى أن الحكومة عملت على ثلاث وجهات هي: البحث مع «المصرف المركزي» في مسألة الديون المتراكمة على هذه المصانع للمصارف، وإعادة جدولتها لإراحة المتضررين، والبحث عن آلية للتعويض، عبر مشاركة الدولة في إعادة إعمار المصانع.

يختم فرعون حديثه معترفاً بأنه على الرغم من اتخاذ الحكومة قرارات عملية وإصدار البرلمان قوانين تحمي الصناعية الوطنية، يبقى المطلوب من الدولة المزيد من الإجراءات لإيفاء القطاع حقه المكتسب ولإنصاف دوره في الاقتصاد اللبناني.

عام مر على العدوان، وحالة الصناعيين البقاعيين المتضررين تراوح مكانها. وتطال المراوحة جميع المناطق، في البقاع كما في الضاحية وفي الجنوب. فلم تسمح الحالة المادية المتردية لأي صناعي بأخذ مبادرة الإعمار على عاتقه. ويتمنى نائب رئيس تجمع صناعيي الضاحية وصاحب معمل «روتكس» للألبسة عصام وحيد أن تنشر المصارف أسماء المصانع التي ستستفيد من القروض لاحـــقاً، لتحديد أي خلل في آلية التعويضات مسبقاً. أما المدير الإقليمي لمعمل «فاين» للمحارم الورقية (جزين) مهران نجاريان فيتخوف من أن يمنع تأخير صرف التعويضات وعدم الاستقرار الأمني، الشركة الأردنية من أن تستثمر مجدداً في لبنان، ويقول: «سأحاول قـدر المستطاع إقناعهم بالعودة إلى البلد».

تعليقات: