إسرائيل ــ أميركا: خيبة أمل


تراجع قدرة الردع الإسرائيلية بعد الحرب الأخيرة على لبنان، له تداعياته الخاصة على النظرة الخارجية لإسرائيل، وتحديداً نظرة الولايات المتحدة الأميركية، باعتبارها الدولة العظمى الراعية لها. لطالما لعبت إسرائيل دوراً وظيفياً في المنطقة لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية، إذ استغلت الإدارات الأميركية المتعاقبة القدرة الردعية الإسرائيلية لتحقيق أهدافها في المنطقة. وكانت إسرائيل على الدوام ذات حضور مؤثر في خلفية المخططات الأميركية لدى ترتيب وضع ما فيها، على انه إذا فشلت أميركا أو كادت، فإن لديها ورقة احتياطية استراتيجية يمكنها أن تستخدمها. كما شكلت إسرائيل، بمعنى القدرات الردعية لديها، مبرراً لدى بعض الأطراف العربية كي ترضخ أمام الاميركيين. هذا الدور، سواء لدى أميركا أو لدى بعض الدول العربية، سقط الآن، وعاد «البعبع» الإسرائيلي إلى حجمه الطبيعي.

لم تعد الفزاعة الإسرائيلية هي نفسها ما بعد حرب تموز، لا تجاه حزب الله أو سوريا أو إيران أو الفلسطينيين (كقوى ممانعة) ولا تجاه الأطراف العربية «المعتدلة» كمبرر للاستكانة والالتحاق بالإرادة الأميركية في المنطقة بعيداً عن تطلعات شعوبها. والأهم من كل ذلك، تراجع هذا «البعبع» كورقة أميركية تهدد بها خصومها في المنطقة.

يعترف الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي غيورا ايلاند، في معرض عرضه لتداعيات الحرب على العلاقات الإسرائيلية الأميركية، بأن «نتيجة حرب لبنان هي في خيبة الأمل القوية التي سبّبتها إسرائيل للولايات المتحدة ودول الغرب، على اثر النتائج المحرجة خلال الحرب».

وفي ذلك أيضاً ينقل الكاتب تشارلز كراوتهايمر في مقابلة خاصة مع التلفزيون الإسرائيلي (12/7/2007)، وهو أحد أهم الكتاب في صحيفة «الواشنطن بوست» ومقرب جداً من متخذي القرارات في إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، ينقل خيبة أمل أميركية من نتائج الحرب على لبنان، ويقول «انهم في إدارة الرئيس بوش قد خاب أملهم كثيراً من إنهاء إسرائيل للحرب بتعادل عملي، وهو (التعادل) من زوايا معينة كان هزيمة استراتيجية»، ويضيف انه «إذا كانت إسرائيل قد قررت الحرب فعليها أن تنتصر فيها، ولا يمكنها إنجاز نصف العمل والقتال بصورة غير جدية.. إن الندوب التي أوجدتها الحرب على العلاقات الإسرائيلية الأميركية لن تندمل بسرعة.. وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستتخلى عن إسرائيل، لكن عندما نصل لأزمة أخرى، لحرب لبنان أخرى، مع إدارة جديدة، فلا تعتقدوا (أنتم الإسرائيليين) أن يدكم ستُطلق كما حصل في السابق، إذا أخذنا بالاعتبار (نتائج) هذه الحرب».

هذه الآراء تشير بوضوح إلى مزاج عام يحكم مقاربة الإسرائيليين والأميركيين لنتائج الحرب الأخيرة وانعكاساتها على الدور الوظيفي (بالمعنى المشار إليه أعلاه) الذي تلعبه إسرائيل لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية ومشاريعها في المنطقة. ومن شأن ذلك أن يحد من اندفاعة واشنطن تجاه إسرائيل باعتبارها رافداً احتياطياً لتنفيذ سياساتها في المنطقة.

تعليقات: