إبراهيم بيضون مؤرخ رؤيوي لا راوٍ والغابات تقاوم التغيّر المفاجئ للمناخ

ندوة غابات لبنان (من اليمين) خزامى، عازار، بصبوص ورزق
ندوة غابات لبنان (من اليمين) خزامى، عازار، بصبوص ورزق


المهرجان اللبناني للكتاب في الحركة الثقافية ـ انطلياس

بداية أسبوع خجولة شهدها المهرجان اللبناني للكتاب في الحركة الثقافية ـ انطلياس. فرواد الكتب كانوا معدودين في أجنحة معرض الكتب التي افتقرت أمس، حتى متصفحيها، وحافظت على كتب مصفوفة جامدة على الرفوف، تقتلها الغيرة ربما من زميلاتها على طاولات تواقيع الكتب التي «حامت» من حولها أيادي محبي وأصدقاء وأهل الكتاب الذين احتفلوا بجديدهم.

على صعيد آخر، كان البحث محوراً أساسياً في برنامج أنشطة الحركة أمس. لكنه جاء بيئيا ساكنا في الندوة التي عقدت حول كتاب ومعجم المهندس ميشال خزامى «غابات لبنان عبر العصور»، رغم أهمية الكتاب على صعيد التوعية البيئية إلا أنه ظهر أن المهتمين بهذا الشأن نادرون جداً.

من جهة أخرى، أتى البحث تاريخياً إسلامياً ناشطاً أكثر في حفل تكريم العلم الثقافي في لبنان والعالم العربي إبراهيم بيضون، الذي التف من حوله زملاؤه ومحبوه من أساتذة في الجامعة اللبنانية، إلى جانب الحضور الرسمي من وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال حسن منيمنة، وحشد من السفراء والشخصيات الروحية الإسلامية وأهل ومحبي المكرّم.

في إدارته للندوة حول كتاب ومعجم المهندس خزامى، رأى عبده عازار أن الكتاب يشد القارئ إلى عالم الطبيعة الجميل، فيتعرف على تاريخ لبنان منذ أقدم العصور.

بدوره، رأى المشارك مالك بصبوص أن كتاب خزامى مرجع للمسؤولين ومدرسة للطلاب، ومن الضروري جعله في كل مدرسة وجامعة وعلى مكتب كل مسؤول في لبنان. كما اعتبر أن هذا الكتاب هو ثروة علمية ومن الواجب ليس فقط تواجده في المدارس والجامعات، بل تدريسه للطلاب والقيام بندوات دولية عديدة للتعريف بمحتواه بغية تحريج لبنان بالأنواع المقترحة كي نترك لأولادنا وأحفادنا بلداً أفضل مما وصلنا إليه حاليا.

هذا وركزت إيلان رزق في مشاركتها في الندوة على أهمية الكتاب والمصطلحات فيه. كما عرضت لمضمون الكتاب بشكل تفصيلي، وتناولته كمرجع مهم يعمّق المعرفة بالغابات. وخلصت إلى التأكيد على إمكانية تشكيل الكتاب حافزا أساسيا لمشاريع بحثية عديدة.

وكان شرح مفصل من الكاتب خزامى لمختلف النقاط والأفكار التي تناولها في كتابه، مشيرا إلى أن همه الأساسي عند إصدار الكتاب، كان الوصول إلى كتاب علمي يكون في متناول الجميع، مؤكداً أن غايته كانت نشر نوع من الثقافة البيئية خصوصاً عن الغابات. ودعا أخيراً إلى عدم الخوف من تغير المناخ لأنه لن يكون مفاجئاً، بما أن المقاومة موجودة عند الغابة.

بداية وصفت جولييت الراسي المكرّم بالمؤرخ الموسوعي والمرجع في دراسة التاريخ العربي والإسلامي. وبعدما قدمت لمحة عامة عن حياته العلمية، التعليمية والعملية، رأت أن منهج بيضون علمي يتصف بالموضوعية والصرامة والرصانة، وأضافت أنه وان صب معظم اهتمامه على التاريخ الوسيط، إلا أن ذلك لا يمنعنا من الاستفادة من كتبه في هذا المجال لفهم تاريخنا المعاصر.

ورأى جوزف لبكي في إطار تقديمه للمكرّم، أن مواضيع الأخير مسائل محددة ومقاطع لها عناوين متناسقة على قياسات أرسطية لا شك فيها ولا افتراض، بل عمل عقل متجرد أمين، وتفكير وتنبه دائم للزمان والمكان، بما أن المصطلحات لا تحمل إلا معانيها الحقيقية. ثم أشار إلى أن بيضون واسع الاطلاع بين الحجة، مؤدَّب مؤدِّب، موجه خلوق، جدي رصين، عصامي مكافح، متوازن هادئ... ضميره حي، مترفع عن الابتذال ومؤمن من غير تعصب.

أما بيضون، فقد عاد في أوراقه إلى السنوات الماضية، منذ البدايات الجامعية وصولاً إلى مختلف المراحل العملية والبحثية والكتابية التاريخية الإسلامية. وأوضح أنه لم يذعن للتقليد في قراءة التاريخ الإسلامي، إنما تصدى له باحثاً بمنطق الرؤية وليس بمنطق الرواية. كما لم يتحرّج في نقد ما هو مكرّس وربما محظور المساس به، من دون الخروج على النص أو إسقاط شيء عليه مما لا يتفق معه. إلا أن القراءة المختلفة كانت سبيله إلى مقاربات تتسم ما أمكن بالواقعية، كما تابع مؤكداً أنه ما زال يقارع على هذه الجبهة، غير متأثر بخلفية ما أو بما يصادره لمصلحة اتجاه فكروي دون آخر، وإن بدا منه انحياز أو ما يشبه ذلك، فهو للعدالة انتصافاً للمظلومين والمهمشين في هذا التاريخ.

وأعرب أخيراً عن اعتزازه بتكريم الحركة الثقافية له، قبل أن يتسلم درع الحركة من أمينها العام جورج أبي صالح.

إبراهيم بيضون في حفل تكريمه
إبراهيم بيضون في حفل تكريمه


تعليقات: