الأطباق البرازيلية متبّلة ببهارات الحضارات

يشتهر المطبخ البرازيلي بنكهاته المتعددة
يشتهر المطبخ البرازيلي بنكهاته المتعددة


الأطباق البرازيلية: خلطات عالمية مبتكرة اجتمعت على أرض واحدة

بيروت:

بلد تخطت شهرته كل الحدود، فمن رياضة كرة القدم، إلى «السامبا»، هذه الرقصة الشعبية اللاتينية التي يقام لها كرنفال سنوي يقبل عليه العديد من السياح من مختلف أنحاء العالم، وصولا إلى إنتاج البن وتصنيفه من أبرز الدول المصدرّة له. وللبرازيل، أكبر دول أميركا الجنوبية، تميزّها في ميدان الطهي، وربّما هذا التميّز يعود إلى تأثرها بكل المطابخ المحيطة التي استطاعت أن تفرض نفسها بقوّة في المطبخ البرازيلي.

المطبخ البرازيلي هو مزيج من المأكولات الأوروبية والأفريقية، فيضم هذا البلد الشاسع مجموعة واسعة من التأثيرات مثل تأثيرات الهنود الحمر والتأثيرات البرتغالية والإيطالية والإسبانية والألمانية والأفريقية واليابانية وحتى العربية. ويختلف الطعام باختلاف المنطقة والمناخ في تلك الولاية وأصل السكان فيها. فعلى سبيل المثال، في الشمال الشرقي حيث غالبيّة السكان من أصول أفريقية يكثر استعمال المأكولات الحارة المخلوطة بالفلفل. أمّا في الشمال يفضّل السكان الأصليون الأسماك والحيوانات البرية، وفي المقاطعات الشمالية الوسطى يعتمدون على لحوم الأبقار في وجباتهم الغذائية، وفي أغلب الأحيان يقومون بصنع أنواع من الحساء تعتمد على هذه اللحوم، أما البيتزا والمأكولات الإيطالية والعربية واليابانية فتكثر في ولاية ساو باولو، وفي جنوبي البلاد هناك تأثير قوي للمطبخ الإيطالي والألماني على حد سواء، حيث اللحوم المشوية هي الطبق الأكثر شهرة، وهذا التنوّع الذي ذكرناه يجعل من الصعب وضع عنوان عريض لهذا المطبخ.

وكما هو الحال بالنسبة إلى حدة الطباع التي يتميز بها البرازيليون، فإن قوائم طعامهم هي الأخرى تتسم بالحدة، فالشعوب البرتغاليّة الأصل جمعت بين البسطرمة أو أصابع اللحم والأسماك، وأحبت خلطة السمك المجفف، وخصوصا سمك الحدوق، وهي الخلطة التي كانت في الأساس وجبة طعام للغطاسين أي السمك المغطس بالملح الذي يصمد لأشهر عدّة في مخزنه أثناء القيام برحلات الصيد، أما أصحاب الأصول الأفريقية فقد جلبوا معهم نوعا خاصا من زيت نخيل جوز الهند والمانجو، بينما تعلم البرازيليّون من أصول هنديّة إغناء مأكولاتهم بالخضار والفاكهة.

تنوع هائل في الوجبات عامة يحتوي الطعام النموذجي البرازيلي على الثوم والبصل، والتوابل الهادئة والحارة، وفي الكثير من الوجبات تستخدم الفواكه الاستوائية، وتحديدا المانجو والموز والجوافة والبابايا وجوز الهند والأناناس، ومن المكونات الأكثر استعمالا لحم التمساح واللحم البقري والأسماك بتعدد أنواعها، فضلا عن الأرز والفاصوليا، ومن وجبات المطبخ البرازيلي الأشهر ما يعرف بالـ«فيجوادا» وهو طعام تقليدي يتكون من الأرز والملفوف والفول واللحوم. وهناك أيضا الـ«فيودا» التي تتمثل بالجمع المتكامل بين الثقافة البرتغالية والأفريقية، وبالأساس كان هذا النوع من الطعام هو حصيلة خلطة ابتكرها العبيد الذين أتوا إلى البلاد في العصور القديمة. ومن الأطباق النموذجية أيضا الـ«كارورو»، التي تتألف من اللحم المجفف والفاصوليا وجبنة الماعز والذرة، وهناك أيضا شواء اللحم على طريقة الـ«جوراسكو»، وهذه الطريقة تعد الأكثر شعبية في المناطق الجنوبيّة، التي صارت معروفة عالميّا. أمّا وجبة الصنوبر والجوز البرازيلي فهي من الأطباق التي يتم تناولها كوجبة خفيفة بعد الطعام. ومن الضروري عدم إغفال ذكر مجموعة المعجنات والمخبوزات المتنوعة واللذيذة التي يتميّز بها هذا المطبخ، وعلى رأسها الخبز البرازيلي أو ما يطلق عليه الـ«هوسكا».

عصائر شهيّة لا مثيل لها في العالم كما في الطعام البرازيلي، يتنوع الشراب بحسب المدينة، وتشتهر البرازيل بأنواع عدة من العصائر التي تحضّر إمّا من الفاكهة الطازجة، أو التي تباع جاهزة في المحال والتي تتميّز بمذاقها الشهي.

وبالإمكان أن تشرب أي نوع من أنواع العصير المبّرد بالثلج أو المضاف إليه السكر، وفي بعض الأحيان يضاف إلى العصير مقدار من الماء، ومن بينها عصير قصب السكر الطازج الذي يعرف بالكالدو دي كانا. ومن أنواع العصير المفضلة عند سكان تلك البلاد الـ«غوافانا» المصنوع من توت الأمازون وهو مشروب مقو وصحي ولذيذ.

أمّا الشراب النموذجي البرازيلي فهو الذي يدعى «اكيبيرينها» وهو نوع من أنواع الشراب المصنوع من السكر المخلوط ببعض أنواع الفاكهة الأخرى، الذي يكفي أن تتناول قدحا باردا وصغيرا منه، لتشعر في الحال وكأنك في جو حار للغاية، ومع الكوب الثاني ما تلبث أن تنتقل إلى عالم الخيال الرحب، وبعد الثالث، فإنك لا بد بعده ستجيد رقصة السامبا، أما بعد الكوب الرابع فسوف تتحدث من دون أي شك البرتغالية. ولعل هذا التفسير المبالغ فيه يدل على أهميّة هذا الشراب في المطبخ البرازيلي، ومدى قربه من ثقافة تلك البلاد.

أما الـ«كاكاكا» فهو نوع من الشراب الذي يحتوي على كمية كبيرة من الكحول الذي يصنع من السكر، وهو الذي كان ينتج منذ عصر العبيد. وفي الوقت الحاضر، يوجد نحو مائة نوع من الكاكاكا، وبين هذه الأنواع المشهورة ما يطلق عليه «فيلهو باريرو». وتوجد لديهم كوكتيلات عدة بين الموهيتو، والپيناكولادا والساوپاولوا.. أما فيما يتعلّق بالقهوة، فيفضّل البرازيليون القهوة القوية والمركزة والحارة جدا، ويدعونها بـ«كافيزينهو»، ويشربونها مع الحليب ومقدار كبير من السكر. أما النوع الآخر فهو القهوة المخلوطة بالحليب الحار ويسمونها «كافه كوم ليته»، وأغلبية البرازيليين يشربونها عند الفطور. وفي الواقع فإنهم يسخرون من القهوة التي تقدم في الولايات المتحدة بوصفها باردة وفاترة ورائحتها كريهة على حد تعبيرهم. والشاي الذي يسمونه «جا»، يعتبر أيضا من المشروبات اللذيذة كالقهوة، وفقط في ولاية «ريو غراندة دو سول»، يعتبر شراب «المتي» من الأنواع اللذيذة، وهو شبيه إلى حد ما بالشاي.

تعليقات: