سوق الحميدية

سوق الحميدية
سوق الحميدية


يبدأ سوق الحميدية عند نهاية شارع النصر مع شارع الثورة عند منطقة الدرويشية ويمتد السوق لمسافة تقارب الميلين، الجزء الأول منه يقع بجوار قلعة دمشق وبه العديد من المساجد والمباني التاريخية العريقة وتصطف على جانبية المحلات التجارية من كل نوع وصنف على طابقين، وتتفرع منه أسواق كثيرة مثل - سوق السروجية - سوق البزورية - سوق الصاغة - سوق المناخلية - سوق العصرونية - سوق الحرير - سوق العرائس - سوق القباقبية - سوق الخياطين وغيرها. وينتهي سوق الحميدية عند بوابة معبد جوبيتر الدمشقي وأعمدته الباسقة ومنه إلى الساحة أمام الجامع الأموي في قلب المدينة القديمة.

..

❑تاريخ سوق الحميدية

تاريخ سوق الحميدية يعود إلى مئات السنين وفي شكله الحالي بني في عهد السلطان عبد الحميد الأول عام 1780 م ويقال أنه أخذ اسمه الحميدية من أيام ذلك السلطان العثماني. ويشتهر سوق الحميدية بتاريخه العريق فزيارة الشرق لاتكتمل إلا بزيارة أشهر الأسواق التراثية في الشرق سوق الحميدية ، فذكره الرحالة كثيرا في زياراتهم لسورية والشرق ، تباع في السوق كافة أنواع البضائع من كل صنف ولون وأهمها الصناعات التراثية مثل المصنوعات النحاسية والأرابيسك والمصدفات والأقمشة بكافة أنواعها الحريرية والقطنية والمطرزات والصناعات التراثية السورية وكافة أنواع الملابس الجاهزة وأدوات الزينة والأحذية والديباج والمفروشات والسجاد والذهب والتحف والهدايا والتراثيات .

يمتد سوق الحميدية وصولا إلى أحد فروعه المسمى سوق (المسكية) وهو سوق للكتب والقرطاسية، حتى يصل إلى وأعمدة (معبد جوبيتر الدمشقي) وهي بقايا لمعبد وثني بني أيام الإغريق بقي منه أعمدته الضخمة الرخامية المرمرية الجميلة.. والمزينة بكؤوس مزخرفة من الرخام وبوابة أثرية ، والذي يتصل بساحة يعتقد أنها كانت فناء للمعبد المذكور ، ليجد الزائر نفسه أمام البوابة الرئيسية للجامع الأموي الكبير.

يحيط بالسوق عدد من الأوابد الأثرية والتاريخية فعلى يمينها تقع قلعة دمشق الشهيرة التي يتقدمها تمثال البطل التاريخي صلاح الدين الأيوبي وضريحه الذي يقع بين سوق الحميدية وبين حي العمارة التاريخي المغروف في دمشق القديمة ، وقبل أن يصل زائر سوق الحميدية إلى أعمدة جوبيتير الضخمة الباسقة ينحرف، إذا شاهد يسارا ليجد صرحا ثقافيا كبيرا لايزال شاهدا على كون دمشق الشام أهم حاضرة من حواضر الثقافة والعلم والمعرفة والصناعة والتجارة في الشرق على مر العصور ، فتجد المكتبة الظاهرية التي بناها الظاهر بيبرس أبان فترة حكمه لدمشق ، وتجد جوامع ومساجد أثرية ومباني تاريخية هامة ، لاشك أن التاريخ كان هنا فأنت تشاهد التاريخ وعبق الزمان في كل مكان من هذا السوق العريق .

..

❑الأسواق المتفرعة من سوق الحميدية

تتفرع عن سوق الحميدية وتحاذيها أسواق كثيرة يصل إلى أكثر من عشرين سوقا تاريخيا متخصصة غير السوق الرئيسي.. ويقول المؤرخون أنها تتجاوز ال21 سوقا، ويقول القسطلي أنها تزيد على اثني عشر سوقا وهي أسواق مهنية تخصصية عرف كل سوق منها باسم حسب مهنة السوق وتخصصه، نذكر منها أساسا: سوق مدحت باشا وهي سوق طويلة مسقوفة مثل سوق الحميدية بناها الوالي العثماني مدحت باشا، وسوق البزورية وفيها يباع كل شيء يتعلق بالأغذية والحبوب والبذورات المجففة إضافة إلى السمنة العربية والزيوت والبهارات، سوق الحريقة المتخصصة بالأقمشة وسوق الخياطين وسوق الصاغة للذهب وسوق المناخلية وسوق العصرونية وسوق القباقبية وسوق السروجية (صناع سروج الخيل) وسوق الخرير وسوق العرائس المتخصصة بلوازم الأعراس ويسميها السكان سوق تفضلي وسوق الطويل وسوق المسكية وسوق القيشاني الذي تباع فيه الكلف والأزرار وسواها وسوق الصوف لبيع الأصواف ومشتقاتها وسوق القطن وسوق العبي للعباءات العربية التي تشتهر بها مدينة دمشق والكثير من الروائع والفنون التي تشتهر بها سوريا.

سوق الحميدية من أشهر أسواق دمشق في سوريا واهم واشهر اسواق الشرق على الإطلاق وأكثرها جمالا ورونقا وقد وصفة المؤرخون بأنه فسيح رائع البناء ووصفوه بأنه مدينة تجارية صناعية في قلب دمشق القديمة ووصفه الباحثون بأنه درة الأسواق وأجملها ، وهو مغطى بالكامل بسقف حديدي مليء بالثقوب الصغيرة التي تنفذ منها الشمس أثناء النهار ومبلط بالحجر - البازلت الأسود - ويعد ملتقى الزائرين والسياح من كافة بقاع الدنيا.

عندما تلج سوق الحميدية ستضطر لأن تسير ببطء، رغم أن عرض السوق يبلغ 15 مترا، لكنها تبدو غير كافية لهذا العدد الهائل من الزوار، كما أن الزائر سيتوه في زحمة المحال التجارية التي تجاوز عددها الـ 200 متجر، تتوزع يمينا ويسارا بارتفاع طابقين، فيها كل ما يحتاجه المرء من ملبوسات وحلي وعطورات وسجاد وتحف دمشقية.

يمتد السوق من شارع النصر في منطقة الدرويشية حيث تجاوره قلعة دمشق من جهة اليسار، إلى سوق المسكية لينتهي السوق عند أعمدة معبد جوبيتير، وهو معبد وثني بني أيام الإغريق، ومنه تطل مباشرة على الباب الرئيسي للجامع الأموي الكبير.

في سوق الحميدية لن تشعر بالبرد ولا حتى بالحر صيفا، فهو مسقوف بالحديد والتوتياء المقوسة، تتخللها ثقوب سوداء، تسللت منها أشعة الشمس لتنعكس على حجر البازلت الأسود الذي يكسو أرضية السوق.

هذه الثقوب خلفتها طلقات الرصاص، التي كانت تطلق أثناء العراضة الشامية في الأعراس، وليس كما يعتقد البعض بأن السقف تم ثقبه ليدخل الضوء إلى السوق، حسب ما يؤكده أصحاب المحال التجارية.

ويعود الفضل في بناء هذا السقف إلى والي دمشق ناظم باشا، الذي استبدل سقفه الخشبي بالحديد والتوتياء بين أعوام 1895 و1907، لمنع حدوث الحرائق.

..

❑سوق الأروام

بني السوق في عام 1780، وكان يعرف باسم سوق الأروام ثم السوق الجديدة، ثم سمي فيما بعد بالحميدية نسبة إلى السلطانين عبدالحميد الأول وعبدالحميد الثاني، لأن السوق بني على مرحلتين في عهديهما، كما جاء في بحث الدكتور الراحل قتيبة الشهابي.

يتفرع عن سوق الحميدية عدة أسواق أقل حجما منه، مثل سوق المسكية عند نهايته في الجهة الشرقية، وسوق العصرونية ومدخل سوق الحريقة، سوق الخياطين، سوق البزورية، وسوق تفضلي أو سوق العرائس، وجميعها تكتظ بالزوار كسوق الحميدية تماما.

في أحد متاجر سوق الحميدية تدخل سيدة مع ابنتيها لتتفحص الأقمشة، فيما يبدو أنها تستعد لزفاف إحداهما، تختلف مع صاحب المتجر على السعر، تجادله، تهم بالخروج، لكنها سرعان ما تعود بعد أن وافق البائع على مراعاتها بالسعر.

إنه متجر محمد زهير السمان، الذي يبيع الأقمشة المنوعة كالحرير والبوبلين والقطن منذ 63 عاما.

..

❑بوظة بكداش

خلال مرورك بسوق الحميدية يلفت انتباهك ازدحام شديد على باب أحد المتاجر، إنه محل بوظة بكداش الذي طالت شهرته الآفاق، هنا ما عليك سوى أن تعرج لتتذوق البوظة العربية، خاصة عندما تعلم أن زبائن هذا المحل ليسوا من الناس العاديين فقط، بل زاره ملوك ورؤساء كثر، كملك الأردن عبدالله الثاني والراحل رفيق الحريري وملك المغرب والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وزاره أيضا محمد عبدالوهاب وأم كلثوم، كما يؤكد وسام بكداش أحد أبناء ملاك المحل.

ويوضح بكداش لـ "العرب" أن عائلته تمتهن هذه الصنعة منذ عام 1891، مضيفا: "لم يتغير شيء في المحل، لا الخشب أو المرايا، حتى الطاولات بقي قسم منها كما هو لم يتغير، التبريد فقط أصبح على الكهرباء، بقينا محافظين على التراث القديم بكل شيء".

ويشتهر محل بكداش الذي يفتح من الثامنة صباحا حتى الثانية بعد منتصف الليل، بصناعة البوظة العربية بالقشطة والفستق، والمهلبية أو المحلاية على الطريقة اليدوية وهي تؤكل صيفا وشتاء، كذلك السحلب الساخن المصنوع من الحليب الطازج مع الكعك والقرفة والكاتو، كما يقول بكداش، الذي يؤكد أن "المحلاية الدمشقية القديمة لا مثيل لها لا في سوريا ولا في غيرها من الدول".

❑ 100عام موازييك

في الجهة الأخرى للسوق تخرج سائحة أوروبية من أحد المحال، وقد بدت سعيدة ببعض التحف الشرقية التي اشترتها من صاحب المحل عبد الرزاق شويكي، الذي يبيع الموازييك منذ عام 1948.

يصنع شويكي التحف الشرقية كطاولات الزهر وموازييك الخط العربي، الزجاج القديم، شالات البروكار، الخناجر، السيوف، الفضيات، الثريات، والإكسسوارات. أما زبائنه فيختلفون من شهر لآخر، إذ يأتيه في الشهر الأول السياح الطليان والإسبان، أما في شهر فبراير فهم من الألمان والإنجليز، وفي شهر مارس والصيف يكثر السياح الخليجيون والعرب، حسب قوله.

وعن مدى مناسبة أسعار بضاعته للسياح، يشير شويكي إلى أن بعضها مناسب، والبعض الآخر غالي الثمن، موضحا أن بضاعته نوعان: "الأول يصدر إلى الخارج ويعتبر صناعيا من الدرجة الثالثة، بينما البضائع المصنوعة يدويا لا تصدر لارتفاع كلفتها وسعرها مثل الموازييك والبروكار الشامي".

..

❑شحاذون وسماسرة

ورغم أن سوق الحميدية يستقطب آلاف الزوار والسياح يوميا، إلا أن أصحاب المحال التجارية وكذلك السياح يشكون من مضايقات عدة، بدءا من الشحاذين والسماسرة أو ما يسمى باللهجة السورية بـ "العزيمة"، وهم عمال المتاجر الذين يقفون في منتصف الشارع داعين كل من يمر بسوق الحميدية إلى المحلات لشراء البضاعة، وهم يقولون على سبيل المثال "تفضلي يا أخي..تفضلي يا أختي"..

هذه الظواهر يصفها عبدالرزاق شويكي بأنها "غير حضارية تضرب السياحة في سوريا"، لذلك "لابد من بترها"، حسب قوله.

ويشير شويكي إلى أن غلاء أسعار الفنادق في سوريا، أثر على حركة السياحة في سوريا، وبالتالي على حركة البيع والشراء في محله، متسائلا: "كيف سيدخل السائح إلى سوريا ولا يوجد منافسة بين الفنادق".

..

❑بدك تشتري ولا!...أي لأ ولا!

من أكثر الأشياء التي قد تزعجك أثناء جولتك في سوق الحميدية هو دبقة الباعة والطيلسة التي لم ولن ترى مثلها في حياتك، -متل ما بيقولوا لزقة بيطارية – حتى أنني تمنيت مرة أن أسأل أحدهم عن نوع الصمغ الذي يستعمله!

مدام بدك فساتين سهرة للصبية، لازمك مكياجات، إكسسوارات، بيجامات… مدام القطعة بمية .. كيس المطاطات بخمسين!!

كثيرة هي العروض صحيح .. لكنكِ إن كنت صبية صغيرة على وش زواج وأحببتي أن تنزلي إلى السوق مع والدتك – فإن العرض الأقوى، والعبارة التي ستحتل النبر ون في التوب تين هي:

..

❑عباية .. عباية … عباية

قد يحدث أحياناً أن تصادف أثناء جولتك في السوق شخصاً ما يقطع السوق بمشية سريعة ويقول بنبرة عالية “عباية .. عباية .. عباية” وأحياناً قد يستبدل هذه العبارة بـ “تحشي.. تحشي.. تحشي”

لا تستغرب فهو حتماً لا يبحث عن عباءته الضائعة أو يروج لبضاعته الفريدة، بل فقط ينبه تجار المحلات أن هناك “كبسة تموين أو شرطة” في طريقها إليهم..

فما أن يمر –أخونا بالله- حتى تجد بأن السوق أصبح كخلية نحل، فأصحاب البسطات أخذت تضب بسطاتها، وأصحاب المحلات تدخل طاولاتها البارزة على الطريق نصف متر وتجمع بضاعتها المعروضة خارجاً,,

وما هي إلا ثواني قليلة حتى تصفن صفنة ماكنة ظنا منك بأنك أخطأت السوق، فكل شيء أصبح مرتب ومنظر السوق بياخد العقل!

..

❑حداثة بعراقة التاريخ..

في سوق الحميدية لم يعد من الغريب أبداً أن ترى إلى جانب بائع العرق سوس بقنبازه وطربوشه ولباسه التقليدي شاب ببنطلون ساحل وشعر مخنفس.. وما كتير بيفاجئ أن ترى شابين يعملان كباعة في محل أقمشة غاية في القدم يستقبلان الزبائن بينما يتابعان التشاتنغ ع الموبايل ..!

موضوع: "اللبنانيون سيعودون للحريقة... والسوريون لن يعودوا لشتورا"

تعليقات: