مأساة في وادي خالد : 4 قتلى برصاص مُباشر من القوة الأمنية المشتركة

مأساة في وادي خالد : 4 قتلى و3 جرحى برصاص مُباشر من القوة الأمنية المشتركة

الأهـالي يحـرقون مبـنى الأمـن العام : لسحـب «وديـعة السـنيورة»

نجـلب عبر الحدود الخـبز والمازوت ولسـنا مهـرّبين ولا تجّـار مخدّرات

يوم امس في وادي خالد كان مأساويا بكل ما في للكلمة من معنى...

وكأن القدر رسم على جباه اهالي الوادي السمر الشقاء والقهر مضافا اليه مأساة تشابه المجزرة دون اي مسوغ شرعي، او مبرر...

كأنه لا يكفي حرمان الوادي من ابسط مقومات الحياة،.. حرمانهم من الوظيفة وحرمانهم من الانماء، والاعمار، حيث اكثر من عشرة الاف شاب يعانون البطالة، في وادٍ يفتقد حتى شبكة المواصلات، كل ذلك ليدفع الاهالي في يوم واحد ثمنا غالياً، من دماء شبابهم، لا لسبب سوى ممارسات غير مدروسة وغير مسؤولة في تنفيذ مهام دورية من القوة المشتركة، كانت تتجول في شوارع الوادي بعيدا عن الحدود.. حسب ما أجمع شهود عيان والاهالي.

} نقمة على القوة المشتركة }

اربع ضحايا وثلاثة جرحى سقطوا في يوم واحد... هم ليسوا مهربين ولا تجار مخدرات ولا مجرمين كما وليس هم تجار اسلحة بل هم اربع ضحايا عزل في ريعان الشباب واثنان منهما لم يتجاوزا العشرين من عمرهما.. الامر الذي أشعل غضب الاهالي ونقمة على القوة المشتركة لحماية الحدود، تفجرت كبركان وسارعوا الى تنفيس غضبهم في المبنى القديم للامن العام اللبناني، في البقيعة. فأحرقوه وحطموا محتوياته كما حطموا بعض السيارات التابعة للقوة المشتركة كما اشعلوا اطارات السيارات.

انصبت النقمة على القوة المشتركة التي اعتبروها انها انحرفت عن اهدافها لكنهم اجمعوا على المطالبة بتسليم الحدود للجيش اللبناني وحده، كما اعلنوا تمسكهم بأهداب القانون وانهم تحت سقفه، لكنهم يطالبون بالعدالة واحقاق الحق وفتح تحقيق سريع وجدي خلال اسبوع واحد، كما اجمعوا على المطالبة بالغاء القوة المشتركة معتبرين انها فشلت في مهامها ولم تتمكن من تحقيق انجاز واحد يصب في صلب الاهداف التي تشكلت لاجلها هذه القوة، سوى ـ حسب عائلات الضحايا ـ «التشفيط» داخل الابنية السكنية وارهاب الناس والتجوال داخل قرى واحياء الوادي، بعيدا عن مدى الحدود والمعابر غير الشرعية التي كان من المفروض ان تتواجد هذه القوة في محيطها.

في تفاصيل الحادثة التي اشاعت اجواء التوتر الشديد في المنطقة انه ليل الجمعة وقرابة الساعة والربع سمع اطلاق رصاص في محيط مخفر الدرك في الهيشة سارع المواطن خالد محمد سليمان الى الاتصال بقريبه فضل الله شهاب وسأله اين انت؟ اجابه: انه في الطريق مع زميله محمد الاحمد الملقب بياسين المصطفى، على دراجة نارية واحدة قادمين من السهرة عند زميل لهم ومتجهين نحو المنزل، قال له المتصل: سمعنا اطلاق رصاص فأجابه فضل الله قبل لحظات من اصابته انه لا يوجد شيء حيث هو، بعدها سمع اطلاق رشق من الرصاص تبين فيما بعد ان رصاصة اصابت فضل الله شهاب ومحمد الاحمد فسقطا عن الدراجة مضرجين بدمائهما.

حسب شهود عيان ان فضل الله ومحمد زحفا امتارا نحو مخفر الدرك قبل ان يلفظا انفاسهما الاخيرة ورغم النداءات لم يتم اسعافهما الا بعد ساعة من اصابتهما كانا قد نزفا بشدة، حيث وصل اليهما الصيدلي محمود المحمد، ونقلهما بسيارة صغيرة الى مستوصف المقاصد في حين لم تقدم لهما المساعدة لا القوة المشتركة ولا مخفر الدرك حسب قوله.

فضل الله لفظ انفاسه قرب مخفر الدرك وزميله محمد الاحمد على بعد امتار حيث تبين ان اطلاق الرصاص عليهما كان من مسافة لا تبعد اكثر من مترين فقط، حسب تقرير الطبيب الشرعي.

في اليوم التالي واثناء تسلم جثماني الضحيتين من مستشفى السلام في موكب لا يقل عن 200 سيارة باتجاه وادي خالد وفي فورة غضب عارمة نفذ المشيعون مظاهرة استنكار باتجاه مركز القوة المشتركة في البقيعة وهم يهتفون مستنكرين الاعتداء فأطلقت عناصر القوة الرصاص على المتظاهرين حسب عدد من شهود العيان فأصيب خمسة من المتظاهرين بجروح شديدة توفي على اثرها اثنان من الجرحى هما: وليد خالد العزو (17 سنة) والشاب اسعد عُبيدان. اما الجرحى الثلاثة فهم: شادي عبيدان ـ احمد السعيد ـ باسل الرشيد.

} ماذا يريدون؟ }

اثر ذلك حصل هرج ومرج واقتحم المتظاهرون مقر الامن العام القديم المهجور بعد انتقال عناصره منذ مدة الى المقر الجديد عند نقطة العبور الحدودية في البقيعة واقدموا على احراق المبنى بكامل محتوياته.

والد الضحية فضل الله شهاب وعائلته اكدوا ان ولدهم يعمل حدادا وقتل ظلما وهو في ريعان الشباب، وذكر والده انه قبل الحادث كان عائدا من سهرة عند زميله ولم يكن في يوم من الايام يعمل في التهريب لا من قريب ولا من بعيد.

قريبه ابو سمير احمد ابراهيم اكد ان كل اهالي وادي خالد هم تحت سقف القانون ومع مؤسسات الدولة الامنية والعسكرية، لكن ما حصل هو اعتداء مجرم من قوة مشتركة مارست شتى انواع الترهيب في حق الاهالي وممارسات غير قانونية كالرشاوى والتشفيط بين المنازل والاحياء حتى ساعة متأخرة من الليل مما يعني انحراف هذه القوة عن دورها المرسوم.

وسأل «ماذا يريدون من وادي خالد، نحن ليس عندنا تهريب سلاح، ولا مخدرات، والله لو احد منا كان يمارس هذا النوع من التهريب لاجمع الاهالي على تسليمه للدولة والسلطات، نحن هنا لا نجلب عبر الحدود الا حاجاتنا اليومية من رغيف الخبز والغاز والمازوت والمواد الغذائية، فهل نصبح عندئذ مجرمين؟؟!!..».. واضاف «الشابان قتلا وهما عائدان من سهرة، وهما من خيرة الشباب، فما ذنبهما ليقتلا!!.. بالرصاص المباشر؟؟.. وعلى مسافة مترين وعلى بعد خمسين مترا من مخفر الدرك»...

ودعا باسم عائلة شهاب الى التحقيق والعدالة ومنع القوة المشتركة من التجول بين المنازل والاحياء وقال: «لقد ذهبنا اكثر من مرة وشرحنا تجاوزات القوة المشتركة لقيادة الجيش اللبناني وقيادة قوى الامن الداخلي واستفضنا بشرح الممارسات غير الشرعية لهذه القوة وها هي اليوم ترتكب جريمة في حق ابنائنا».

} للجنة تحقيق }

شقيق الضحية محمد الاحمد السيد مصطفى الاحمد طالب بتشكيل لجنة تحقيق سريعا مؤكدا انه يريد العدالة وان شقيقه قتل ظلما وان جميع الاهالي لن يتركوا هذه القضية تمر دون احقاق الحق واعرب عن ثقته بالمؤسسات الامنية وخاصة الجيش اللبناني، وانه تحت القانون تاركا ان يأخذوا هذا القانون والتحقيق مجراه الطبيعي.

الشيخ خالد الحسن اكد ان ما حدث هو مستنكر من كافة المشايخ والفعاليات في الوادي وان ما حصل في مقر الامن العام هو ردة فعل على سقوط اربعة قتلى من خيرة ابناء الوادي، واحتجاجا على ممارسات القوة المشتركة، والتي ادت الى ما هو عليه نحن اليوم.

الشيخ طلال الاسعد اكد ان فضل الله ومحمد الاحمد لم يعملا في يوم ما في التهريب وان قتلهما هو امر مستنكر وندينه اشد الادانة وثم وفاة الجريحين خلال مظاهرة الاستنكار. وقال اننا نناشد الجميع ان يعملوا على الغاء القوة المشتركة التي انشأها الرئيس السابق فؤاد السنيورة من اجل الحدود وهي منذ تشكيلها اشكالا من التجاوزات المرفوضة وغير المقبولة وكانت تلقى امتعاضا واسعا من جميع الاهالي حيث كانت هذه القوة تعتبر ان سكان الاهالي في نظرها مهربون دون استثناء، وتعاملهم على هذا الاساس. ولفت الاسعد الى ان اهالي الوادي كانوا من اول من احتفلوا بعيد الجيش اللبناني وهم من انصار الجيش ولا يزال ابناء الوادي يحيون دور الجيش الوطني، املا الفصل ما بين هذا الجيش والقوة المشتركة التي تأتمر بأوامر لا علاقة لها بقيادة الجيش.

ودعا الاسعد الى سحب ما اسماه وديعة السنيورة من وادي خالد ويقصد بالوديعة القوة المشتركة.

النائب السابق محمد يحيى ابن وادي خالد دعا الى الغاء القوة المشتركة واستبدالها بانتشار مكثف للجيش اللبناني مؤكدا ان ليس في وادي خالد من يهرب الممنوعات وليس في وادي خالد ارهاب ولا سلاح فالمطلوب اجراء تحقيق فوري لكشف ملابسات الحادثة، بخاصة ان الضحايا كانوا عزلا وكانوا متجهين الى منازلهم وان المرحومين فضل ومحمد قتلا من مسافة امتار لا تتعدى الثلاثة.

واوضح انه اجرى اتصالات بقيادة الجيش اللبناني وبالمراجع المختصة داعيا الى التحقيق السريع واحقاق العدالة.

تعليقات: