السفير الفرنسي يطلب لقاء نصر الله 4 مرات.. والأبواب مقفلة!

السفير الفرنسي في لبنان دوني بييتون
السفير الفرنسي في لبنان دوني بييتون


هجمة دبلوماسية أوروبية في اتجاه «حزب الله»: ماذا ستفعلون بعد القرار الظني؟..

يتعرّض «حزب الله» منذ مدة إلى هجمة دبلوماسية أوروبية، على خلفيّة أن القرار الاتهامي لأفراد من الحزب باغتيال الرئيس رفيق الحريري بات في حكم الصادر قبل نهاية السنة الحالية وفق سيناريو «ديرشبيغل»، وذلك بهدف انتزاع «تطمينات» تبدد قلق الأوروبيين من ان تكون قوات «اليونيفيل» ضمن بنك اهداف «حزب الله» بعد صدور القرار.

على ان العلامة الفارقة في هذه الهجمة، تتبدى في ان «حزب الله» لم يتبلغ رأياً اوروبياً موحدا من «القرار الظني»، فثمة دبلوماسيون عبروا عن تفهمهم لموقف الحزب، وأنّ كلّ المسار الذي تسلكه المحكمة الدوليّة بدءًا من لجنة فيتزجيرالد الى دانيال بيلمار «هو مسار مسيّس»، لكن دولهم لا تملك القدرة على تغيير مسار الأمور أو تبديل حرف واحد!

دبلوماسيون اوروبيون آخرون اعتمدوا اسلوب التحايل الدبلوماسي لإقناع «حزب الله» بأنّ يلفّ رقبته بحبل مشنقة القرار الظني. ويقع الفرنسيون في مقدمة هؤلاء. وبحسب مصادر مطلعة، فإن السفير الفرنسي في لبنان دوني بييتون أورد منذ مدة امام بعض القياديين في «حزب الله» كلاما يشبه ما نقلته عنه منتصف الاسبوع الماضي، الزميلة «النهار»، حيث قال لمحدثيه في الحزب «لو صدر «القرار الظني»، يجب ان تكونوا متعاونين»!

يقول الحزبيون انهم لم يفاجأوا بالكلام الاخير للسفير الفرنسي عن ان اتهام افراد من «حزب الله» ليس نهاية العالم، وما لفت انتباههم فيه هو تظهيره للعلن في لحظة انقسام سياسي واضح ومتصاعد حول القرار الظني، فقد سبق لدوني بييتون ان فاتح في الأسابيع الأخيرة، قياديين في الحزب بهذا الموضوع، واعتمد نبرة هادئة ومعسولة لتبليع الحزب طعم الاتهام، فمن جهة، عبر عن حرص فرنسا على الاستقرار السياسي والامني في لبنان، لكنه، من جهة ثانية، حاول بلغة «تطمينية» تمرير مضمون «القرار الظني»، محاولا تسويقه بوصفه «مجرد إجراء عادي وبسيط وكأنه سينزل من المحكمة الدولية بردا وسلاما على لبنان، متجاوزا كون القرار سيتحول الى عنصر زعزعة الاستقرار والهدوء في لبنان» على حد تعبير المصادر نفسها.

تحدث السفير الفرنسي آنذاك، عن اتهام افراد من الحزب، وليس الحزب، وطرح سؤالا مباشرا: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال صدر القرار الظني باتهام افراد منه؟ فقيل له: «الجواب بسيط جدا، قرار ظني كهذا يشكل افضل وصفة لفتنة ومقدمة لحرب في لبنان».

بعد ايام قليلة من هذا اللقاء، جاء الرد الفرنسي على «حزب الله» بلسان مصادر في الخارجية الفرنسية تتهم الحزب بأنه يقوم بإرسال «رسائل تهويل». وكانت النتيجة انقطاع التواصل بين الطرفين لفترة، ثم استؤنف بزيارة جديدة للسفير الفرنسي مؤخرا الى «حزب الله»، تمحور الحديث فيها حول الموضوع نفسه، وحاول فيها السفير الفرنسي ان يوحي بأن لديهم لغة جديدة، ولكن تبيّن للحزبيين ان اللغة ما تزال هي ذاتها ولم تتغير، بل شابها بعض التعديل اللفظي، حيث سعى السفير الفرنسي الى اغراء من التقاهم في «حزب الله» بأنّ فرنسا لن تقطع علاقتها مع الحزب بل ستستمر في الانفتاح عليه والتعاون معه، شرط تجاوب «حزب الله» مع «القرار الظني» الذي سيصدره بيلمار!

رفع كلام السفير الفرنسي منسوب ريبة «حزب الله» من موقف فرنسا التي تشكل الأب الدولي الشرعي للمحكمة الدولية، وحاول الحزبيون الحصول على توضيحات للموقف الفرنسي الملتبس، الا انهم فوجئوا بطلب السفير الفرنسي موعدا للقاء الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، بهدف التداول معه في هذا الموضوع، وشرح موقف فرنسا من القرار الظني.

استمهل الحزبيون السفير الفرنسي بعض الوقت، فجاءه الجواب بعد فترة سلبا على اساس ان ظروف «السيد حسن» لا تسمح حاليا. ثم تلقى الحزبيون طلبا ثانيا من السفير الفرنسي، فجاءه الجواب ذاته، ثم اعيدت الكرة في زيارة قام بها القائم بالاعمال الفرنسي لـ«حزب الله»، حيث كرر للمرة الثالثة طلب الموعد للسفير بييتون، فحصل على الجواب نفسه أيضا، وفحواه «اذا كان الهدف من اللقاء شرح الموقف الفرنسي، فإن حقيقة هذا الموقف ليست غائبة عن السيد نصر الله وقيادة «حزب الله»، وخصوصا ان الموقف الفرنسي يتردد بوضوح في الاعلام، ولا ضرورة لتقديم تبريرات له، وفي الخلاصة موقفهم معروف ولسنا في حاجة لأن يشرحه أحدهم لنا».

بهذا المعنى، لم يكن الحزب متفاجئا بما قاله السفير الفرنسي لـ«النهار» بل زادت شكوكه وظنونه، خاصة أن الحديث تزامن مع معلومات من العاصمة السورية تفيد بأن دمشق تبلغت من باريس انها غير قادرة على ان تفعل شيئا بالنسبة الى القرار الظني، وبالتالي ليس هناك اي مجال لتأجيل صدور القرار قبل نهاية العام الحالي، وسيتضمن اتهام افراد من «حزب الله» يتراوح عددهم بين ثلاثة وثمانية عناصر!

بالتوازي أيضا، تبلغت دمشق معلومات من واشنطن مفادها أنه كان المطلوب بعد حديث سعد الحريري الى «الشرق الأوسط» تكريس مناخ التهدئة، لأن المهم هو تقطيع الوقت وألا يدخل سعد الحريري وقوى 14 آذار في اي صراع مباشر مع اي طرف داخلي... الى حين صدور القرار الظني!

تعليقات: